الفساد ليس حكومياً فقط

نماذج الفساد في المجتمع كثيرة ومتنوعة، ومن كل الفئات المجتمعية، والغريب أن مثل هؤلاء ينادون بالإصلاح، ويتهمون الحكومات بالفساد رغم أنهم يغوصون فيه حتى رؤوسهم، فعجباً لشخص يتهم الحكومة بالفساد، وهو نفسه يهرب من عمله، وآخر يتهمها كذلك بالفساد وهو الذي يعطل المراجعين لأنهم لا يعطونه "البقشيش" لقاء عمله الذي ينال عليه أجرا من الحكومة التي يتهمها بالفساد، وغيره يتهمها بالفساد ويقوم بشراء الأصوات نيابة عن نائب سيدافع عنه أمام الحكومة، وغيره يضر بالناس في عملهم وحياتهم ويتهم الحكومة بالفساد.

وتاجر يتهم الحكومة بالفساد ويغش في تجارته، ويبحث عن "واسطة" ليمرر صفقاته، لا بل يسمي الغش شطارة لكي يقال عنه رجل أعمال، وموظف يتهم الحكومة بالفساد ويبحث عن "واسطة" ليترقى ويرتاح على حساب زميله في العمل، وآخر يتهم الحكومة بالفساد ويجامل القوي على حساب الضعيف.

فالذين يتهمون الحكومة بالفساد كثيرون ويصعب حصرهم سواء من صغار الموظفين أو كبارهم. إذن الفساد فكر وأسلوب حياة يعيشه الكثير، وطقس من طقوس حياتهم، ولا يقتصر على الحكومة فقط، بل من الظلم اقتصاره عليها أو المسؤولين فيها، ومقاومته تبدأ من الأشخاص أنفسهم، وبالتالي لن تجد الحكومة فرصة لممارسته، لأن الشعب لا يقبله ولا يمارسه.