شدد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على تمسك بلاده وتأييدها لتحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي الذي تسعى الولايات المتحدة إلى توثيق عراه من أجل مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، مؤكداً أن التعاون الأمني مع قطر مستمر ولن يتأثر بالخلاف الدبلوماسي.وقال الجبير، أمس، خلال مؤتمر أمني دولي سنوي تستضيفه العاصمة البحرينية المنامة، إنه يتم التعامل مع رؤيتين في الشرق الأوسط "رؤية سعودية مستنيرة وأخرى إيرانية ظلامية"، مضيفاً أن هناك إدراكاً بأن إيران أكبر دولة راعية للإرهاب.
وتابع الوزير: "النور ينتصر على الظلام"، وزاد قائلاً: "السؤال هو كيف يمكن هزيمتهم؟"ووصف الجبير العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة بالاستراتيجية و"الحديدية" التي لن تتغير. وأشار إلى وجود مصالح "علينا حمايتها والوقوف مع من سيساعدنا". واعتبر أن "سياسة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقلانية وواقعية ودول الخليج تدعمه".وأوضح أن "مجلس التعاون الخليجي" سيبقى المؤسسة الأهم لدول الخليج العربية، مضيفاً: "حاولنا ألا يتأثر مجلس التعاون الخليجي بالخلافات مع قطر".ولفت إلى عقد اجتماعات في السعودية أخيراً "مع كل دول مجلس التعاون ومع مصر. المناقشات مستمرة وتركز على وضع إطار عمل". في إشارة للعمل على تدشين التحالف الذي يطلق عليه "الناتو العربي" ويسعى لضم دول مجلس التعاون ومصر والأردن.
خاشقجي والسلام
من جانب آخر، رأى رئيس الدبلوماسية السعودية أن قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول تحولت إلى "هستيريا إعلامية"، مؤكداً أن الحقائق تتكشف مع سير التحقيقات، وأشار إلى أن جهات إنفاذ القانون السعودية في تركيا تعمل مع نظيراتها التركية في التحقيق.وفي رد غير مباشر على إعلان وزارة العدل التركية أنها أرسلت طلباً إلى السلطات السعودية تطالبها فيه بتسليم 18 شخصاً مشتبهاً فيهم بارتكاب الجريمة، جميعهم من الجنسية السعودية، لمحاكمتهم، أكد الجبير أن "المتورطين في قضية خاشقجي سيحاكمون في المملكة".ووصف الوزير تركيا بالدولة الصديقة وقال: "لدينا علاقات تجارية واستثمارية جيدة معها".من جهة ثانية، قال الجبير إن عملية السلام لا بد وأن تكون المفتاح للعلاقات مع إسرائيل. وأضاف: "أعتقد أن مفتاح التطبيع مع إسرائيل هو المضي قدماً في عملية السلام التي تستند إلى المبادرة العربية التي أقرت في بيروت عام 2002، والتي تطالب إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 عاصمتها القدس". وحول العلاقات مع العراق، قال الجبير: "نسعى للاستثمار في العراق وتطوير العلاقات".ماتيس والاستقرار
من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس في كلمة خلال مشاركته في مؤتمر المنامة، إن "أحداثاً مثل مقتل خاشقجي تقوض الاستقرار في الشرق الأوسط، مضيفاً أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات إضافية مع المسؤولين عنها".وأضاف ماتيس: "مع وضع مصالحنا جميعاً في السلام في الاعتبار وكذلك احترامنا الذي لا يتزعزع للسلام، فإن مقتل خاشقجي في مقر دبلوماسي لا بد وأن يثير قلقنا جميعاً بقوة".وتابع: "إن عدم التزام أي دولة بالمعايير الدولية وحكم القانون يقوض الاستقرار الإقليمي في وقت تشتد الحاجة إليه".وفي تصريحاته، استعرض ماتيس قائمة طويلة لما وصفه بأنه سلوك إيراني مدمر، في رسالة سينظر إليها معظم الحلفاء الخليجيين بنظرة إيجابية، إذ يساورهم قلق مماثل إزاء نفوذ طهران المتزايد في سورية والعراق.وأكد ماتيس في كلمته أن واقعة مقتل الصحافي المعارض لن تضعف العلاقات بين بلاده والسعودية.البديل الروسي
من جانب آخر، حذر ماتيس من أن الوجود الروسي في الشرق الأوسط، حيث تعد موسكو حليفاً قوياً للرئيس السوري بشار الأسد، لا يمكن أن يكون بديلاً لوجود الولايات المتحدة.وقال: "وجود روسيا في المنطقة لا يمكن أن يكون بديلاً عن التزام الولايات المتحدة الطويل والثابت والشفاف إزاء الشرق الأوسط، وهو شيء أكرره اليوم دون أي تحفظ هنا".وشدد على ضرورة إنهاء الخلاف المستمر منذ 16 شهراً بين الرباعي المقاطع وقطر الذي يرى مراقبون أنه أضعف التنسيق الإقليمي بمواجهة طهران.وأضاف قائلا: "تسوية الجدال الداخلي بين شركائنا في مجلس التعاون أمر جوهري لتحقيق رؤية التحالف، ودون ذلك فإننا نضعف أمننا".وسئل ماتيس عن القرار الذي أعلنه ترامب في مايو الماضي بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، فقال إن الخطوة لم تكن لتعني إبطاء عملية السلام ولا تؤثر على التزام الولايات المتحدة بـ"توفير مستقبل أفضل للشعب الفلسطيني".في المقابل، أعرب الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة معزولة وسط حلفائها التقليديين في مواجهتها مع إيران وأن أوروبا نفسها تقف إلى جانب طهران ضد إعادة فرض العقوبات الأميركية قبل 7 من دخول حزمة العقوبات الأشد على طهران حيز التنفيذ في الخامس من نوفمبر المقبل.