ما يكتب وينقل في الإعلام الكويتي الرسمي وغير الرسمي أيضاً، الأخير "الغير" هو في نهاية الأمر يعد رسمياً - بصورة غير مباشرة - هل يمكن اعتباره إعلاماً حقيقياً جاداً، وصحافة حرة تنقل وتحلل ما يحدث في الدولة وخارجها، كما يبشر ممثلو الدولة وتوابعهم من حزب المادحين أصحاب شعار "الحمد لله نحن أفضل من غيرنا"؟ أم أن هذا الإعلام ليس سوى صورة رسمية يمثّل السلطة وتطلعاتها ومخاوفها، وهو مرايا خاوية لها؟!كم هو مثير للضحك لدرجة الغثيان أن تنقل بعض التحليلات الأجنبية أن الصحافة الكويتية تعد نسبياً في طليعة الإعلام العربي، وكأنه يوجد حقيقة إعلام عربي حر، لا يخضع لسلطة الدولة (يمكن عمل بعض الاستثناءات لثلاث أو أربع دول عربية) وإرهابها المتمثل في قوانينها الاستبدادية أو أجهزة مخابراتها المرعبة، يبدو أن تتويج الصحافة الكويتية من بين الأفضل عربياً لا يعدو عن كونه في وضع "أعور بين عميان"، هذا إذا استثنينا الصحافة العربية التي تنشر في دول غربية.
أحداث كبيرة خطيرة ومأساوية تحدث حولنا، هي في النهاية ستنعكس على مستقبل الدولة، لا يمكن الحديث عنها أو مجرد التلميح بها، لماذا؟! هناك قوانين النشر والجزاء المرعبة وتفسيراتها المنغلقة حين تطبق، وهناك أيضاً رقابة المصالح التي تمتلك الصحافة، والتي تفرض نفسها على الرأي، وهناك تسويق وترويج اعتبارات "الخصوصية" الكويتية، مثل "مراعاة وضع الكويت" الحساس و"الظروف الدقيقة" التي تمر بها المنطقة، كي ننتهي بالاجترار المعتاد في مقالات وزوايا وتحليلات وتعليقات لا تختلف في مضامينها، سواء نشرت اليوم أو قبل عقد أو عقدين من الزمان، فهي دائماً في حدود الممكن والمقبول الرسميين، وبلون واحد لم يتغير في رثاثته منذ عقود.هذا الإعلام المرتعب يفتح أوسع الأبواب لجماعات من القوى الانتهازية، حين تستأسد على الحرية وعلى الرأي المخالف الممنوع من إظهاره وتستقوي بالسلطة وبالجهل المركّب عند قرائها، تكتب وتؤصل بسذاجة منقطعة النظير "ما يطلبه" الجمهور، هو ليس الجمهور الواعي لقضايا الحرية وحقوق الإنسان هنا في الدولة وخارج حدود الدولة، إنما جمهور العنتريات والمزايدات الشعبوية الممالئة لأجهزة السلطة، بتلك الكتابات المحزنة وبكل خوائها التحليلي كي يتم حقن الوعي بمزيد من سموم الخواء والسطحية.هل لدينا إعلام حقيقي ملتزم بقضايا الحرية وحقوق الإنسان؟ أعيدوا مراجعة ما نكتبه وما ينشر وما ينقل هذه الأيام تحديداً، وارتباطه بما يحدث حولنا من قضايا مأساوية، فإذا شعرتم بالغثيان والسأم، فهذا يعني أن هناك بقايا أمل، وإن لم تختلف عليكم الأمور فهنا المصيبة.
أخر كلام
أعور بين عميان
28-10-2018