«الكرشيف» الذي ستتزين به أماكن أثرية عدة داخل واحة «سيوة» المصرية، أبرزها قلعة شالي، عبارة عن مادة طينية ذات لون بني ممتزجة بالملح الطبيعي، الذي يتشكل تلقائياً في الملاحات المنتشرة في أطراف الواحة، وحين تجف المادة تصبح شديدة الصلابة وتتحمل عوامل الجو.تخضع «سيوة» الواقعة في عمق صحراء مصر الغربية (300 كيلومتر جنوب مدينة مطروح) لأعمال ترميم بدأت قبل أيام ومن المقرر أن تنتهي خلال مدة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، في وقت اتجهت أنظار العالم إلى الواحة التي كانت تحمل تاريخياً اسم «واحة الإله آمون» تزامناً مع زيارة تفقدية لسيوة قام بها أخيراً وزير الآثار خالد العناني، ووزيرة السياحة رانيا المشاط، بحضور 14 سفيراً من الاتحاد الأوروبي.
وتابع الوزراء والسفراء أعمال تنفيذ مشروع ترميم قلعة ومدينة شالي الأثرية التي تضم عدداً كبيراً من المنازل والسور المحيط بها، والتي تعد أحد أهم المواقع الأثرية الخاضعة لقانون حماية الآثار في واحة سيوة.
قلعة شالي
تقع قلعة شالي القديمة وسط واحة سيوة، ومقامة على مساحة نحو 10 أفدنة. تتضمن أعمال ترميمها إزالة الأنقاض المتهالكة من المنازل القديمة بالقلعة، وفتح الشوارع والأزقة والممرات، واستكمال المنازل والمباني المتهدمة، باستخدام مادة البناء نفسها وهي مزيج من الطين والملح ويطلق عليه باللغة السيوية الأمازيغية «كرشيف»، وذلك لتتماشى أعمال الترميم مع الطابع البيئي للقلعة. وتضم «شالي» المسجد العتيق الذي شُيد قبل ألف عام، وتعتبر هذه القلعة التاريخية مكاناً فريداً من نوعه، بناها أهالي سيوة لتعرضهم قديماً لغارات البدو الرحل. ولكن بدأ السكان يهجرونها عام 1820، مع وصول قوات والي مصر محمد علي باشا وفرض سيطرته على الواحة، إلى أن تركوها نهائياً عام 1926، بعد هطول أمطار غزيرة تسببت في تهدم أجزاء منها.في هذا السياق، قال مدير منطقة مطروح للآثار الإسلامية والقبطية، عبدالله موسى، إن هذا المشروع الطموح يستهدف إعادة وضع قلعة شالي في مكانها الذي تستحقه باعتبارها درة غالية، تمثل أهم المواقع الأثرية الإسلامية في الصحراء الغربية.قال مهندس معماري مشرف على أعمال الترميم في المشروع، يُدعى رامز عزمي، إن الهدف من المشروع توثيق تلك الحقبة المهمة من تاريخ سيوة، والحفاظ على العمارة الفريدة للواحة.يُشار إلى أن المشروع يستهدف أيضاً رفع المستوى الصحي لأهالي سيوة من خلال عمل مركز للطفولة والأمومة في نطاق قلعة شالي، وترميم البيوت المحيطة بالقلعة، وتشييد متحف للتراث.