هل تم اختراق معلومات الدولة؟
هناك لا مبالاة تتفشى بشكل واسع جداً في مؤسسات الدولة من موظفين بمختلف مستوياتهم، وهناك إهمال في جودة الأعمال المقدمة في المرافق الحكومية، وهناك تخلٍّ عن المسؤولية وتحمل زمام المبادرة حتى من القياديين، ولذلك من الطبيعي أن تكون نتيجة هذه الأوضاع الحكومية المهترئة تسريب المعلومات أو تزويرها أو سرقتها وبيعها للملأ.
خبر أمني غريب نشر هذا الأسبوع عن "ضبط رجال الأمن ثلاثة وافدين يمتلكون كافة المعلومات والبيانات عن المواطنين الكويتيين ويبيعونها عبر فلاش ميموري متضمنة كافة بيانات المواطنين بقيمة 220 ديناراً" وبقدر ما نشكر الأجهزة الأمنية على ضبطها لهذه العصابة فإننا نستشعر الخوف والقلق من هذا الاختراق الخطير.الكل يتساءل: ما نوعية هذه المعلومات والبيانات التي قدّر في الخبر أنها تشمل 800 ألف مواطن؟ هل هي معلومات الاسم والعنوان والهاتف فقط، أم تشمل الأرقام المدنية والبيانات الوظيفية والحسابات المصرفية؟ وهل تشمل تفاصيل العاملين في المؤسسات العسكرية والأمنية؟ وهل تتضمن الصور الشخصية للمواطنين؟ أم أن هناك معلومات أخرى لا نعلمها؟
التساؤلات الأهم: ما مصدر هذه المعلومات؟ هل أخذت من شركات الاتصالات والدعاية والإعلان مثلاً؟ أم أنها من مؤسسات رسمية كالبطاقة المدنية، وديوان الخدمة المدنية، أم الجنسية والجوازات؟ وكيف تحصل عليها من عرضها للبيع؟ هل يعملون في هذه الجهات أم أن معهم موظفين آخرين تواطؤوا معهم وتبادلوا معهم المعلومات؟ ثم كيف يتم نشر إعلان بيع هذه البيانات دون رقابة من أي جهة حكومية حتى بادر مواطن مجتهد ليقدم بلاغاً للجهات المختصة وهي في غفلة من أمرها؟ للأسف أن البيان الصادر من وزارة الداخلية لم يوضح كل هذه التفاصيل، ولذلك لا نستطيع الحكم تماماً على مصدر هذه البيانات ومدى خطورتها، وإلى حين اكتمال الرواية الرسمية وإحالة المتهمين إلى القضاء فإننا نطالب الحكومة الموقرة بتكليف الجهات المعنية وعلى رأسها الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات والجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات بتقييم مستوى الحماية والأمن لقطاع المعلومات في كل مؤسسات الدولة، واستعجال تطبيق استراتيجية الأمن السيبراني (أمن المعلومات) ومنح الأولوية في التكويت الكامل للعاملين في وظائف القطاعات الحساسة، مثل الدواوين المهمة وإدارات الجنسية والجوازات والبطاقة المدنية وديوان الخدمة المدنية، بدلاً من التشكيل المختلط حالياً، حيث يطّلع الجميع على كل بيانات الدولة بمختلف مستوياتها.هناك لا مبالاة تتفشى بشكل واسع جداً في مؤسسات الدولة من موظفين بمختلف مستوياتهم، وهناك إهمال في جودة الأعمال المقدمة في المرافق الحكومية، وهناك تخلٍّ عن المسؤولية وتحمل زمام المبادرة حتى من القياديين، ولذلك من الطبيعي أن تكون نتيجة هذه الأوضاع الحكومية المهترئة تسريب المعلومات أو تزويرها أو سرقتها وبيعها للملأ، والحل الشامل لكل هذه الفوضى والانهيار هو إعادة الهيبة والجدية والاحترام للعمل الحكومي، وفرض القيم الأخلاقية والوطنية المفقودة، وهي مسؤولية الحكومة أولاً، ثم باقي مؤسسات المجتمع. والله الموفق.