خطة ترامب للانسحاب من معاهدة أسلحة مهمة مع روسيا ترتبط بالصين على الأرجح
لا يرتبط قرار ترامب الانسحاب من اتفاق أميركي مهم للحد من انتشار الأسلحة مع روسيا بموسكو وحدها أو بالأسلحة النووية. تساهم هذه الخطوة أيضاً في تمهيد الدرب أمام تعزيز قوات الولايات المتحدة التقليدية في جوار الصين، حسبما يوضح خبراء الحد من انتشار الأسلحة ومسؤولون في الإدارة الأميركية سابقون وحاليون.تملك بكين صواريخ جوالة وبالستية تقليدية يمكنها ضرب منشآت أميركية كبيرة في المنطقة، مثل قاعدة كادينا الجوية في اليابان، كذلك تعمل على تطوير طائرات شبح مقاتلة، نتيجة لذلك تُبعد الولايات المتحدة وحلفاؤها أصولهم في المحيط الهادئ أكثر فأكثر عن الشاطئ، كذلك تواصل الصين تعزيزاتها في بحر الصين الجنوبي من دون أي رادع.يشير الخبراء والمسؤولون إلى أن الانسحاب من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى يسمح للولايات المتحدة بالتنافس مع الصين في تطوير أسلحة تقليدية يحظرها راهناً هذا الاتفاق، ومن الممكن نشر هذه الأسلحة، مثل الصواريخ البالستية متوسطة المدى النقالة التي تُطلق من البر والتي يشغّلها الجيش، في جزر في المحيط الهادئ بغية المساهمة في التصدي لأي اعتداء صيني، حسبما يؤكد أحد مسؤولي الإدارة الحاليين.
يذكر إلبريدج كولبي، مدير برنامج الدفاع في مركز الأمن الأميركي الجديد الذي عمل مساعد نائب وزير الدفاع لشؤون تطوير الاستراتيجيات والقوات في وزراة الدفاع الأميركية حتى مطلع هذه السنة: "يسير التوازن العسكري في المحيط الهادئ في الاتجاه الخطأ. يُعتبر نطاق التعزيزات العسكرية الصينية كبيراً ومتقدماً جداً، مما يحتّم علينا استخدام كل أداة محتملة متوافرة في جعبتنا". صحيح أن الولايات المتحدة تعتمد راهناً على سفن بحريتها وراميات قنابل سلاحها الجوي كوسائل ردع في المنطقة، إلا أن مدفعية الجيش ستشكل على الأرجح عنصراً أساسياً في هذه التعزيزات، فنشرُ أنظمة إطلاق صاروخية متوسطة المدى في المنطقة يضيف قوة راسخة أكثر تنوعاً تساهم في موازنة التعزيزات العسكرية الصينية، وفق كولبي.يذكر مسؤول الإدارة الحالي عن هذه الأسلحة: "تمنحنا مجموعة أكبر بكثير من الخيارات".قد يكون مستشار الأمن القومي جون بولتون الرجل الذي يقود خط التفكير هذا، ففي مقال تحليل نُشر في صحيفة وول ستريت جورنال عام 2011، دعا بولتون إلى التخلي عن معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى وأشار إلى أن الصين المبرر، فقد حذّر من أن ترسانة الصين الصاروخية المتنامية بسرعة تهدد القوات الأميركية والحليفة في المحيط الهادئ. ولكن حذر بعد ذلك الأميرال المتقاعد هاري هاريس، الذي كان آنذاك قائد القيادة الأميركية في المحيط الهادئ، من أن معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى سلبت الولايات المتحدة تفوقها في المحيط الهادئ.أخبر هاريس، الذي يشغل اليوم منصب السفير الأميركي إلى كوريا الجنوبية، لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ في شهر مارس: "نحن في موقف ضعيف أمام الصين اليوم لأن هذه الأخيرة تملك صواريخ بالستية متمركزة براً تهدد قواعدنا وسفننا في المحيط الهادئ. في المقابل، لا نتمتع نحن بأي قدرة متمركزة براً تهدد الصين. ويعود ذلك في جزء منه إلى التزامنا الصارم والمصيب أيضاً بمعاهدة وقعناها: معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى". يؤكد توم كاراكو، محلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن التخلص من معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى يسمح للولايات المتحدة بنشر منصات مهمة متمركزة براً في المحيط الهادئ.يضيف كاراكو: "أعتقد أن التأثير القصير الأمد الأكثر إلحاحاً سيتجلى على الأرجح مع برنامج النيران الدقيقة الطويل المدى. قد يسهّل علينا قليلاً غيابُ معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى إنشاء أنظمة إيصال قد لا تكون متطورة جداً إلا أنها تخدم مصالحنا. لا نعود مقيدين بهذه المعاهدة".لا تُعتبر هذه المقاربة الأولى من نوعها، ففي 2015 روّج أندرو كريبينيفيتش الابن، الذي كان آنذاك رئيس مركز تقييم الاستراتيجيات والموازنة، لاستراتيجية "دفاع أرخبيلية" تقضي بإقامة سلسلة من الدفاعات المترابطة على طول ما يُدعى سلسلة الجزر الأولى، التي تشمل أجزاء من اليابان، والفلبين، وتايوان، كذلك يعتبر كريبينيفيتش أن على جيوش الولايات المتحدة وحلفاءها، مثل اليابان، نشر أنظمة طويلة المدى قادرة على اعتراض الصواريخ الجوالة الصينية وتدمير الطائرات الصينية على طول هذه السلسلة.بالإضافة إلى ذلك، طرح كريبينيفيتش فكرة إعادة إحياء قوة مدفعية تابعة للجيش هدفها الدفاع الساحلي، علماً أن الولايات المتحدة تخلت عن هذه الفكر بعد الحرب العالمية الثانية، كذلك يشدد كولبي على أهمية الحفاظ على تفوق الولايات المتحدة في المحيط الهادئ، فيقول: "أعتقد أن من الأهمية بمكان التشديد على أن الولايات المتحدة أمضت نحو خمس سنوات في تجربة شتى الطرق لدفع الروس إلى الإذعان، لكننا لا نملك متسعا من الوقت، وخصوصاً في المحيط الهادئ".* لارا سليغمان*«فورين بريس»