المايسترو أندريه الحاج يكرِّم عمالقة الفن اللبنانيين والعرب
• ليلة لبنانية في دار الأوبرا المصرية وتوثيق أعمال ملحم بركات
اقترن اسم قائد «الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق - عربية» المايسترو أندريه الحاج في الفترة الأخيرة بسلسلة نشاطات أسهمت في تحقيق حضور قوي للبنان على الساحتين المحلية والعربية على السواء. القاسم المشترك بين هذه النشاطات شخصية أندريه الحاج المولعة بالموسيقى الشرقية وبآلة العود، وإيمانه بضرورة حماية الفن الأصيل من الزوال من خلال تكريم العمالقة وتعريف الشباب بفنهم، والرغبة في التجديد في الموسيقى العربية.
في خطوة تعزِّز دور لبنان في الحركة الفنية العربية، يستعد المايسترو أندريه الحاج لقيادة الأوركسترا الخاصة بدار الأوبرا المصرية في أمسية لبنانية بعنوان «لبنان... الزمان الجميل» في دار الأوبرا المصرية في 6 نوفمبر (ضمن مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية الـ27)، يرافقه كل من الفنانة كارلا رميا، وعازف الكمان أندريه سويد، وعازف الإيقاع علي الخطيب.برنامج الأمسية لبناني بامتياز، يتنوع شعراً ولحناً، بين أعمال الكبار: الأخوان رحباني، وزكي ناصيف، وتوفيق الباشا، ووديع الصافي، وفيلمون وهبي، ووليد غلمية، وروميو لحود، وزياد الرحباني. والشعراء: بشارة الخوري، ومنير عبد النور، وموريس عواد، وطعان أسعد. وتتخلله ثلاث مقطوعات موسيقية بعزف منفرد لأندريه سويد: «يا حبي اللي غاب» للموسيقار ملحم بركات، و«فلامنكو» تأليف المايسترو أندريه الحاج، و«الأولى» تأليف أندريه سويد. ليست المرة الأولى التي يقود فيها أندريه الحاج أوركسترا على المستوى العربي، فقد قاد مرتين على التوالي هذا العام الأوركسترا السمفونية العمانية: الأولى في فبراير الفائت في أمسية طربية أحيتها الفنانة اللبنانية جاهدة وهبة، فكان أول قائد أوركسترا لبناني وعربي يقود الأوركسترا السمفونية العمانية ببرنامج عربي، إذ جرت العادة أن تعزف هذه الأوركسترا برامج أوبرالية غربية. والثانية في سبتمبر الفائت بمشاركة عازف العود العراقي وفنان السلام نصير شمه.
تحية إلى ملحم بركات
منذ تسلّمه قيادة «الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقي الشرق – عربية» (2011) يفتتح المايسترو أندريه الحاج موسم الأوركسترا كل سنة بتوجيه تحية إلى «الكبار» الذين أثروا المكتبة الفنية بإبداعات خالدة. هذا العام كرّم ملحم بركات في الذكرى الثانية لغيابه، في حفلة قدّمها في الباحة الخضراء في الجامعة الأميركية في بيروت، بالتعاون بين وزارة الثقافة والجامعة الأميركية، وبمشاركة كورال الفيحاء بقيادة المايسترو باركيف تسلاكيان التي قدمت خمسة أصوات من دون موسيقى: «موعدنا أرضك يا بلدنا، وما يهمنيش، ويمكن نتهنى، والفرق ما بينك وبيني، وكيف...». هدف أندريه الحاج من افتتاح موسم الأوركسترا بتكريم الكبار أن يستمر حضور هؤلاء متوهجاً في الأذهان، مؤكداً أن ذلك من واجب الكونسرفتوار الوطني اللبناني. أظهر الحاج ملحم بركات بشكل مختلف عما عهده به الجمهور، فتميز برنامج الحفلة بتقريب الموسيقار من الأكاديمي، أي أن الإعداد الموسيقي اختلف عن أداء بركات في الحفلات، مشيراً إلى أن أغاني ملحم بركات مسجلة في معظمها من الحفلات، فعمل على توثيقها وضبط الإيقاع والتخلص من الإعادات. لهذه الغاية غاص في نتاجه الفني وأكد أنه لو أتيحت الظروف لملحم بركات لاستطاع أن يكون مؤلفاً موسيقياً أيضاً، معتبراً أن أغنيته «كرمال النسيان» تتضمن حالة موسيقية، وتتميز بنفس كلاسيكي وطرب شعبي يتقنه ملحم بركات دون سواه. حول التكريم قال المايسترو أندريه الحاج: «قدمنا هذه التحية للموسيقار ملحم بركات برفقة 45 عازفاً و40 كورالاً، عزفوا وغنوا مجموعة من ألحان وأغنيات الراحل الكبير. الافتتاح كان مع أغنية «موعدنا أرضك يا بلدنا» من كلمات منير عبد النور وأغنيتي «يا حبي اللي غاب» و«ولا مرّة». وكان الختام مع أغنيات «كيف»، و«مشيت بطريقي» و«حبيتك وبحبك» و«سلمّ عليها».أضاف: «يهمني أن أكون وفيّاً لكبار العمالقة من الرحابنة إلى وديع الصافي إلى الياس الرحباني ونصري شمس الدين وزكي ناصيف وتوفيق الباشا وصباح ونجاح سلام غيرهم. في الفترة الأخيرة قدمنا تحية للأستاذ إيلي شويري، وهي بمنزلة تحية لهؤلاء الكبار كي يبقوا في وجداننا. أعتبر أنه من الضروري أن نكون أوفياء للذين صنعوا مجد لبنان الغنائي والفني. أنا أقوم بهذا الدور لأني مؤمن بذلك، وكي لا ينساهم الناس».عاشق العود
ابن عينطورة، بلدة لبنانية في أعالي جبل لبنان، نشأ أندريه الحاج في عائلة تعبق الموسيقى في أرجائها، فوالدته تتقن العزف على آلة الأكورديون، وتعشق أغاني أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، فكبر على وقع أنغام العمالقة، واخترق الفن مسامه. عشق العود منذ طفولته وفي السادسة عشرة من عمره بدأ تعلم العزف عليه، ثم نال دبلوماً جامعياً فيه. عام 2000 انضم إلى «الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق – عربية» التي أسسها رئيس الكونسرفتوار آنذاك الدكتور وليد غلمية كعازف عود أول، وتعلم قيادة الأوركسترا على يد غلمية. وفي عام 2004 أصدر أول «سي دي» له يتضمن مقطوعات على العود من تأليفه. في 2011 تسلم قيادة الأوركسترا بعد وفاة د. غلمية، وهو عضو في نقابة الموسيقيين وجمعية المؤلفين والملحنين. شارك مع الأوركسترا في حفلات في أنحاء لبنان، وفي معظم المهرجانات آخرها في الصيف الماضي في احتفال تكريم الفنانة الكبيرة فايزة أحمد بمشاركة مطربة دار الأوبرا المصرية رضوى سعيد، وذلك بمبادرة من رئيسة لجنة التربية والثقافة النيابية النائبة بهية الحريري وبالتعاون مع لجنة مهرجانات صيدا الدولية ووزارتي الثقافة اللبنانية والمصرية.
هدف أندريه الحاج من افتتاح موسم الأوركسترا بتكريم الكبار أن يستمر حضور هؤلاء متوهجاً في الأذهان