هل موقف ترامب النووي خطة متقنة أم مراهنة متهورة؟
![كاب إكس](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1537977344023369600/1537977353000/1280x960.jpg)
كانت هذه الاستراتيجية التي اتبعها ترامب بادئ الأمر، ففي عام 2017، اتهمت إدارته روسيا بالبدء بنشر هذا الصاروخ، الذي أصبح يُعرف آنذاك بنوفاتور 9إم729، ورداً على ذلك، أعلنت واشنطن "استراتيجية متكاملة" للضغط على موسكو كي تعود إلى الالتزام بالمعاهدة.ثمة أسباب وجيهة لاتباع استراتيجية مماثلة، لعل أبرزها أن المسؤول عن إخفاق المعاهدة روسيا لا الولايات المتحدة، ففي الوقت عينه كان حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وحلف شمال الأطلسي ملتزمين بالمعاهدة ولا يزالون عموماً، ولكن بالنسبة إلى ترامب على الأقل، تبدلت الحسابات، فقد حذّر وزير الدفاع جيمس ماتيس في مطلع هذا الشهر أن الولايات المتحدة ستُضطر، إن لم تبدّل روسيا مسارها، إلى تطوير قدراتها لتضاهي الصاروخ الروسي 9إم729، وخصوصاً أن الولايات المتحدة وأوروبا لا تملكان راهناً أي أداة ردع مماثلة.تأثر قرار ترامب على الأرجح بآراء مستشار الأمن القومي جون بولتون، الذي ينظر إلى محاولات الحد من انتشار الأسلحة نظرة ازدراء، إذ كان بولتون القوة الدافعة وراء قرار جورج بوش في عام 2001 فسخ معاهدة الصواريخ المضادة للبالستية، كذلك عارض معاهدة ستارت الجديدة (معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية الجديدة)، وهي اتفاق بشأن الأسلحة التي تستطيع الولايات المتحدة وروسيا استخدامها لاستهداف إحداهما الأخرى والتي يُفترض أن تنتهي مدة صلاحيتها في عام 2021. في عام 2011، كتب بولتون مقالاً تحليلياً نُشر في صحيفة وول ستريت جورنال دعا فيه الولايات المتحدة إلى الانسحاب من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، معتبراً برنامج إيران الصاروخي أحد الأسباب. لكن سباق تسلح نووياً كذاك الذي تتصوره نظرة بولتون إلى العالم يمثل عودة إلى بعض الأيام الأكثر خطورة خلال الحرب الباردة. فإذا انسحبت الولايات المتحدة من هذه المعاهدة وأبت تجديد معاهدة ستارت الجديدة، فستتحرر الترسانات النووية من كل الضوابط للمرة الأولى منذ عام 1972، ولا شك أن هذا سيزيد بوتين جرأة.صحيح أن معاهدة 1987 لا تخلو من الشوائب، إلا أنها فاعلة، فكما أشار حلف شمال الأطلسي، اعتُبر هذا الاتفاق منذ توقيعه "بالغ الأهمية بالنسبة إلى الأمن الأوروبي-الأطلسي"، فمن دون هذه المعاهدة، ما من سبب يدفع روسيا حتى إلى الادعاء أنها لا تطور أو تنشر صواريخ بالستية متوسطة المدى.من غير المرجح، حتى في هذا الإطار، أن يرغب حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيون في نشر صواريخ أميركية على أراضيهم، كما حدث خلال الحرب الباردة في المملكة المتحدة، وبلجيكا، وهولندا، وغيرها، فقد تؤدي خطوة مماثلة إلى إشعال الرأي العام الأوروبي وتعزز الشقاق عبر الأطلسي الذي يسعى الكرملين إلى زرعه.ولكن ربما يشكّل كل هذا جزءاً من خطة متقنة وضعها ترامب، يزور بولتون راهناً موسكو ليعلم نظراءه الروس بقرار الولايات المتحدة الانسحاب من المعاهدة، فإذا دفع هذا روسيا إلى الالتزام مجدداً بالمعاهدة أو أدى إلى تسوية استراتيجية بديلة للحفاظ على استقرار المنطقة الأوروبية-الأطلسية، يكون ترامب قد فاجأنا وحقق النجاح، ولكن كما يبدو في الوقت الراهن، يفكك ترامب، الذي روّج لنفسه بين الناخبين كصانع صفقات، الصفقات. والصفقات التي يقوضها هي تلك التي صانت الأمن الغربي طوال أكثر من ربع قرن.* أندرو فوكسال*«كاب إكس»