في كلمته التي ألقاها في مؤتمر «كاميلليري والمتوسط، ملتقى الطرقات والحكايات»، أشار البروفسور فؤاد أيوب، إلى أن تسميات عدة أطلقت على هذا المتوسط بحسب الشعوب التي حلت على ضفافه، من بينها: ماره نوستروم ومعناها «بحرنا» (أطلقها الرومان)، والمتوسط، أطلقها الأوروبيون لأنه يتوسط ثلاث قارات وبالتالي فهو يتوسط العالم.

أضاف: «تجذرت على شواطئه حضارات عدة من بينها السامية والفرعونية والأمازيغية والفارسية والإغريقية والفينيقية والرومانية والقرطاجية والمسيحية والعربية والإسلامية والعثمانية، كذلك عرف ثقافة مزدهرة متنوعة في موادها وأدواتها ومضامينها وأشكالها، ونشأ فيه المسرح والفلسفة والرياضة وتطورت فيه العلوم النظرية والتجريبية وفنون التشكيل والعمارة والنحت».

Ad

أشار إلى أن هذا الحوض كان الأكثر إنسانية، فشكل تارة موئل سلام وطوراً ساحة للنزاعات الدموية والصدامات اللامتناهية: من الفتوحات الإسلامية إلى الحملات الصليبية، مروراً بالحكم العثماني والاستعمار وقيام الكيان الإسرائيلي الذي حال دون الشراكة الفاعلة بين الدول المتشاطئة عليه، وصولاً إلى صعود الحركات التكفيرية المتطرفة، موضحاً في هذا المجال أن الجيوسياسي المفكر الفرنسي إيف لاكوست يعتبر أن المقاربة السياسية التاريخية المحضة ليست كافية لفهم طبيعة الصراعات وموازين القوى بين دول الحوض، إنما يجب ملاحظة المقاربتين الجيوسياسية والجيوستراتيجية لفهم الصراع الحالي حول مصادر الطاقة من بترول ومياه».

رغم هذا المشهد الأسود يعول البروفسور أيوب على المتوسط كي يستعيد دوره كرافعة ثقافية للقيم الإنسانية ولحوار منتج بين الحضارات المتنوعة في حوضه، «لما يختزن من ثروات فكرية وأدبية وعلمية وفنية ومعمارية، وخير دليل على ذلك المحتفى به الأديب والمفكر الإيطالي أندريا كاميلليري الذي خصص هذا المؤتمر لتكريمه ولدراسة مؤلفاته الأدبية وفق مقاربات مختلفة».

رؤية مبدع

أشارت مديرة مركز اللغات والترجمة في الجامعة اللبنانية الدكتورة جيزيل رياشي، إلى أن «البحر الأبيض المتوسط له طعم واضح لخلط الهويات من خلال التجارة ونقل المعرفة والثقافات».

أضافت: «نلتقي اليوم لاكتشاف المزيد عن المتوسط وعن اندريا كاميلليري، مع مجموعة من الخبراء في مجال التاريخ والأدب وعلم الترجمة على مستوى عال. اندريا كاميلليري، متعة القراءة العظيمة التي تأتي من إيطاليا، نجاح مثير للإعجاب ونجاح باهر في المكتبات وعلى الشاشة الصغيرة وفي مختبرات البحث».

أما عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية الدكتور محمد رباح فاعتبر أن «بفضل هذه المبادرة المميزة، نلتقي اليوم باحثين من جنسيات مختلفة توحدت أوراقهم حولَ أهمية الإنتاج الغزير الذي قدمه هذا الروائي المبدع على مستوى تقنيات الكتابة الروائية، من جهة أولى، وعلى نجاحه في جذب المتلقين وأقلام المترجمين وصانعي الأفلام، من جهة ثانية، في عصر العبور، عبور النصوص من لغة إلى لغة أخرى، ومن ثقافة إلى ثقافة أخرى، ومن فن إلى فن آخر، والجامع بينها رؤية المبدع إلى عالمه أو العوالم المتخيلة التي ينسجها ويشاركه المتلقون في نسجها تحليلاً وترجمة وتفاعلاً».

أهمية التواصل

أكدت مديرة المعهد الثقافي الإيطالي في بيروت مونيكا زيكا أهمية التواصل بين إيطاليا وبلدان البحر المتوسط والتعرف أكثر إلى مختلف الثقافات والتقاليد، فيما شدد السفير الإيطالي ماسيمو ماروتي على أهمية التعاون بين الجامعات من ناحية الأبحاث وتبادل الخبرات وتعلم اللغات، والاستفادة من الفرصة التي أتيحت للتعرف إلى الكاتب الإيطالي وإلى الثقافة الايطالية.

كذلك كانت في المؤتمر كلمات لممثلين من جامعتي كاليغاري ومالاغا، أكدوا خلالها ضرورة التواصل والتلاقي بين بلدان البحر المتوسط، ونقلوا تحيات الكاتب الإيطالي اندريا كاميلليري الذي عبر عن فخره بتناول اسمه وكتاباته في هذا المؤتمر. وأمل أن يكون هذا اللقاء العلمي علامة لتجديد الصداقة القديمة بين شعوب البحر المتوسط.