بعد عامها العاشر... من أين انطلق مركب «بتكوين»؟ وأين سيرسو؟
بانتهاء يوم الأربعاء الماضي، تكون واحدة من أبرز الابتكارات التكنولوجية الحديثة قد أتمت عامها العاشر، وهي "بتكوين"، العملة الرقمية الأعلى قيمة، التي خرجت من رحم الأزمة المالية العالمية، بحسب تقرير لـ"ماركت وتش".وعلى مدى العقد الماضي، ارتفعت شعبية "بتكوين"، كذلك عدد منتقديها، وخلال هذه الفترة مرت العملة الافتراضية الأكثر شهرة بعدد من المحطات الفارقة في مسيرتها، والذكريات الجيدة والسيئة.في أول رسالة بعث بها ساتوشي ناكاموتو (مطور العملة الرقمية مجهول الهوية) مساء الحادي والثلاثين من أكتوبر 2008، قال: كنت أعمل على تطوير نظام نقدي جديد يعمل بطريقة الند للند كاملاً دون حاجة لتدخل طرف ثالث.
واليوم، هناك أكثر من ألفي عملة رقمية سوف يفشل أغلبها ويصبح عديم القيمة، علماً أن هناك بالفعل قرابة الألف عملة لا أهمية لها بالفعل، وبعضها فشل قبل إطلاقه، وفقاً لـ"باري سيلبرت" الرئيس التنفيذي لشركة الاستثمار المغامر "ديجيتال كارنسي غروب" التي تركز على سوق العملات الافتراضية.لكن العملة الرقمية الأكثر قيمة ما زالت قوية، رغم مرورها بموجات عدة من الارتفاع والهبوط، فقد ارتفعت بعد إطلاق من أدنى 1 سنت إلى نحو 20 ألف دولار في ديسمبر الماضي، قبل أن تفقد الكثير من هذه القيمة وتستقر حالياً عند 6.5 آلاف دولار.
الأيام الأولى
- بعد إصدار "ورقة بتكوين البيضاء" قبل عقد من الزمن، أطلق "ساتوشي" سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني إلى قائمة بريدية تتكون أغلبيتها من أولئك الذين تهمهم الخصوصية المالية، وقد قوبلت هذه الرسائل بالحماس والشك على حد سواء في البداية.- رد المبرمج "هال فيني" على المجموعة البريدية قائلًا: يبدو أن فكرة "بتكوين" واعدة جداً، أن أحب فكرة إرساء الأمن اعتماداً على قوة وحدة المعالجات المركزية للمشاركين الشرفاء التي تفوق قدرات المهاجم.- كان ذلك قبل شهرين على الأقل من انطلاق تجربة تجمع بين "بلوك شين" و"بتكوين" التي شهدت تعدين أول خمسين عملة، وتسمى بعملية "جنسيس بلوك"، التي رافقها إرسال ملحوظة توحي بأن فكرة العملة جاءت رداً على الأزمة المالية، وكان ذلك في أوائل يناير عام 2009.- لكن الأستاذ بجامعة نيويورك "ديفيد ييرماك" نفى صحة هذه التكهنات بعد ذلك، وقال إن التوقيت فقط هو ما ساهم في انتشار هذا الاعتقاد والضجة حول "بتكوين"، لكن تُرى ما كان المقصد من إنشاء هذه العملة؟- تساءل مطور البرامج والعملات الرقمية "مايك هيرن" آنذاك قائلًا: أعتقد أن المشكلة الرئيسية حالياً هي أنه بمجرد تعدين العملات، لا يوجد من يختبرها، ولا حتى معاملات وهمية، هل هناك خطة لإنشاء سوق ما لمنح الناس فرصة لاستخدام "بتكوين" خلاله؟أول عملية مسجلة
- في حين كان هناك عدد من معاملات الاختبار المبكرة، التي تمت بين "ساتوشي" و"فيني"، لم توثق أول عملية فعلية حتى عام 2010. - في 22 من مايو عام 2010، أقنع المبرمج "لازلو هانيتش" زميله "جيركي ستورديف" بإرسال فطيرتي بيتزا له مقابل 10 آلاف "بتكوين" (كانت تساوي 30 دولاراً آنذاك)، ووفقاً لقيمة العملة الرقمية اليوم، فإن تكلفة البيتزا الواحدة منها تساوي اليوم أكثر من 30 مليون دولار.- بعد مرور 8 سنوات، يتم تداول "بتكوين" الآن بحرية في أكثر من 200 بورصة حول العالم، مع سيطرة المضاربين على التداولات، أملًا في تحقيق أرباح سريعة عبر شراء وبيع العملة الرقمية الأكثر انتشاراً.- هناك أكثر من 250 ألف معاملة يومية في دفتر الأستاذ الرقمي "شبكة بلوك شين"، وفقاً لبيانات موقع "بلوك شين دوت كوم"، وهو رقم أقل من مستوى الذروة المسجل أواخر عام 2017، والذي اقترب من نصف مليون معاملة.اختراق «مت جوكس»
- بعد أربع سنوات من أول معاملة لـ"بتكوين"، وتحديداً في فبراير 2014، تعرضت بورصة تداول العملة الرقمية اليابانية "مت جوكس" لاختراق سيبراني، سُرق خلاله أكثر من 800 ألف "بتكوين".- زلزل هذا الهجوم الصناعة برمتها، فقد كانت "مت جوكس" في ذلك الوقت تعالج أكثر من نصف معاملات "بتكوين" حول العالم، وكانت عملية السرقة تلك أول مشكلة رئيسية تواجه القطاع الغامض.- مع ذلك، تسبب الحادث في مزيد من الشهرة للعملة الرقمية، ويقول "تيم درابر" مؤسس ومدير شركة "درابر أسوسيتس": لقد أصبحت أسيراً لـ"بتكوين" بعد الحادث، اعتقدت في البداية أن العملة ستنهار لكن ذلك لم يحدث، وحينها تأكدت أنها أكثر أهمية مما بدت عليه.- أصبح "داربر" اسماً مألوفاً في صناعة العملات الرقمية، عندما اشترى مجموعة من "بتكوين" صادراتها وزارة العدل الأميركية في إحدى القضايا، مقابل 300 دولار للوحدة الواحدة تقريباً.- يعلق "داربر" على مغامرته قائلاً: قست الخطر والمكافأة المحتملين في ذلك الوقت، وتبين أن هناك فرصة لأن تبلغ قيمة العملة الافتراضية مئات أو حتى آلاف الدولارات، وقد حالفني الحظ.ماذا يحمل المستقبل؟
- تتوقف إجابة هذا السؤال على موقف المُجيب، فالبعض يقول، إنها ستكون بديل الدولار الأميركي القادم، أو الذهب الرقمي، وحتى لا شيء سوى ذكرى في الكتب التعليمية المالية.- في حين يدفع المؤيدون نحو مزيد من المنتجات المالية الأكثر تعقيداً المدعومة بـ"بتكوين" وبالأخص صناديق الاستثمار المشترك، تؤدي الهيئات التنظيمية الآن دوراً محورياً في تقدم كل من العملات الرقمية والتكنولوجيا التي تستند إليها "بلوك شين"، وتقيم سبل حماية المستثمرين في صناعة تتسم بالغموض والطمع، لكن تحظى في الوقت نفسه بإمكانيات هائلة.- بالنسبة للمنتقدين، فهم يرونها ظاهرة عابرة ستتلاشى بمرور الوقت، وأحد أبرز المعارضين للعملة الرقمية، هو أستاذ الاقتصاد بجامعة نيويورك "نورييل روبيني"، والذي أطلق عليها اسم "أم الفقاعات".- فيما يقول "داربر": أرى أن "بتكوين" هي العملة الأكثر أهمية والأكثر قابلية للتداول في العالم، ليس فقط بالنسبة للتحويلات النقدية أو المعاملات العابرة للحدود، ولكن لكل استخدامات العملة التقليدية، ولن يمر وقت طويل قبل أن يفوق سعر "بتكوين" الدولار باعتبارها العملة الأكثر شعبية.