شهدت الأيام الماضية حالة من الود والتصالح بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وذابت إلى حد كبير قمم الجليد التي كانت تهدد استمرار التعاون مع انطلاق دورة الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الخامس عشر لمجلس الأمة، ولعل تصريحات سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك التي شدد فيها على أنه «لن يسمح بأن يكون هناك فساد في الجهات الحكومية وأنه سوف يحمّل قياديي تلك الجهات المسؤولية في حال وجود فساد» ودعوته لتنظيف الوزارات والأجهزة من هذه الآفة والقضاء عليها والتأكيد على ذلك من خلال توجيه حديثه للمسؤولين قائلاً: «من لا يستطيع أو غير قادر أرجو أن يطلب أن يعفي نفسه»... لعل هذه التصريحات بعثت بحالة من التفاؤل والارتياح بين الأوساط النيابية والشعبية.ومن هذا المنطلق شهدنا في اليوم التالي إقدام النائبين محمد المطير وشعيب المويزري على سحب استجوابهما الموجه إلى سمو رئيس مجلس الوزراء والذي كان مدرجاً للمناقشة على جلسة افتتاح دور الانعقاد الثالث، حيث عزا النائبان سحب الاستجواب إلى التحرك الحكومي لحلحلة بعض الملفات التي تضمنتها محاور الاستجواب والتي بالقطع تتعلق بالفساد الذي تحدث عنه سمو الرئيس في الملتقى الذي نظمته هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» ومن ثم تهيأت الأجواء لبدء دور الانعقاد الجديد بصفحة جديدة بين السلطتين.
ثم جاءت الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الخامس عشر لمجلس الأمة والتي حذر فيها صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه خلال نطقه السامي من أحداث خطيرة تحيط بمنطقتنا تستوجب على الجميع حماية وحدة المجتمع والتصدي لمثيري الفتن ووضع مصلحة الكويت فوق كل اعتبار والإسراع بالإصلاح الاقتصادي عبر رؤية محددة تحقق تنويعاً لمصادر دخلنا، كما دعا سموه إلى صون النظام الديمقراطي من كل تجاوز وعدم الحيدة عنه والكف عن الممارسات السلبية والمشاريع العبثية التي لا تخدم مصلحة الوطن بل تسعى إلى التكسب الانتخابي، مع تشديد سموه على أنه لم ولن يكون في الكويت سجين أو معتقل سياسي ما لم تتم إدانة أحد بأحكام قضائية ومحاكمة عادلة.وقد أظهر النواب تجاوباً كبيراً مع مضمون النطق السامي وأعلنوا السمع والطاعة لصاحب السمو أمير البلاد، وأنهم على الدوام سند وعون لسموه ولسمو ولي العهد في توحيد الصف من أجل مواجهة كل التحديات المحلية والعالمية، كما أظهر النواب حرصهم على طي صفحة التصعيد والتهديد التي كان ينتهجها بعضهم من خلال التصويت على عدم إسقاط عضوية النائبين الدكتور وليد الطبطبائي والدكتور جمعان الحربش، وهذا يمهد الطريق لإغلاق ملف قضية اقتحام المجلس والعفو عن المحبوسين ومن عليهم أحكام، وعودة الجناسي لمن سحبت منهم والتي عاد بعضها بالفعل الأسبوع الماضي مما أثلج صدور الكثيرين.وفي وسط هذه الأجواء الإيجابية يخشى الكثير من المراقبين والمواطنين أن ينتهي شهر العسل بين الحكومة ونواب المعارضة سريعاً دون أن تكون له ثمار حقيقية، خصوصاً أن هناك آمالاً كبيرة معلقة على إنجاز مجلس الأمة لبعض القوانين المهمة وتفعيل ما تم سنّه من تشريعات في دور الانعقاد السابق، وأن تقوم الحكومة وأجهزتها بالدفع بمشاريع التنمية المعطلة والمتأخرة ومحاربة الفساد الذي تحدث عنه سمو رئيس الوزراء، لذا فعلى الجميع مسؤولية كبيرة في التعاون وتنحية الخلافات جانباً، وأن تكون مصلحة الوطن فوق كل المصالح، وأن يسير أعضاء السلطتين على النهج والخارطة التي وضعها صاحب السمو... فهل سيكونون عند حسن الظن بهم وعلى قدر المسؤولية التي حملهم إياها سموه؟ نأمل ذلك، والله ولي التوفيق والمستعان.
مقالات - اضافات
عسل السلطتين... هل يستمر؟!
03-11-2018