عشية سريان حزمة العقوبات الأميركية الأشد على إيران، نقلت وكالة "بلومبرغ"، في تقرير أمس، عن مسؤول أميركي قوله، إن حكومة الولايات المتحدة وافقت على السماح لـ8 دول بالاستمرار في شراء النفط الإيراني، بعد إعادة فرض عقوبات تستهدف وقف صادرات طهران من الطاقة بشكل كامل بعد غد الاثنين.

وأشار التقرير إلى أن الدول الثماني بينها كوريا الجنوبية، الحليف المقرب من الولايات المتحدة، واليابان والهند. ويتوقع أن تشمل قائمة رسمية ذكر التقرير أن واشنطن ستعلنها بعد غد الصين وتركيا، التي أكدت أنها لم تتلق إطارا مكتوبا بشأن أي اسثتناء يسمح لها بشراء النفط الإيراني أمس.

Ad

وظل زبائن النفط الإيراني الكبار، وجميعهم في آسيا، يسعون للحصول على استثناءات من العقوبات تسمح لهم بالاستمرار في شراء بعض الخام من إيران، فيما تسعى الدول الأوروبية إلى بلورة منظومة خاصة بهم لتفادي العقوبات، ومواصلة شراء النفط من طهران لحثها على الالتزام بالاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكل أحادي.

بيد أن محللين قالوا إن أي استثناءات محتملة من العقوبات النفطية الإيرانية ستكون مؤقتة على الأرجح، حيث يسعى ترامب لإزعان الحكومة الإيرانية أو مواجهة الانهيار.

وتوقع البعض أن تنخفض صادرات النفط الخام الإيرانية إلى 1.15 مليون برميل يوميا بحلول نهاية العام، انخفاضا من نحو 2.5 مليون برميل يوميا في منتصف 2018، أي إلى النصف، وهو ما يزيد الضغوط على الاقتصاد الإيراني المتداعي.

ورغم تصعيد الإدارة الأميركية ضغوطها لإرغام طهران على تقديم تنازلات بعدة ملفات، فإن نجاح مساعيها للحد من أنشطة إيران النووية والصاروخية والإقليمية لا يعتمد على العقوبات التي أعاد فرضها عليها فحسب، بل أيضا على مدى استعداده لإبداء قدر من المرونة في طلباته المستفيضة كي يجذبها إلى طاولة التفاوض.

وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن قدرا من المرونة مطلوب لضمان تدفق الإمدادات في الأسواق العالمية، ومنع أسعار الخام من الارتفاع الحاد، بالإضافة إلى اقناع النظام الإيراني بالدخول في مفاوضات جديدة لإبرام اتفاق لا يظهرها بمظهر "الراضخ".

وقد تشمل تلك المرونة التلميح إلى أن إيران يمكنها أن تحد من تخصيب اليورانيوم بدلا من وقفه تماما، وأن تسمح بالمزيد من عمليات التفتيش، بما يفوق ما نص عليه اتفاق 2015 بدلا من التفتيش في أي وقت وفي أي مكان تشاؤه واشنطن.

لكن مسؤولين سابقين يعتبرون أن ما يريده ترامب حالياً من طهران يمثل موقفا "مغالياً" لا يمكن لأي حكومة أن تنفذه، إذ يشمل وقف عمليات تخصيب اليورانيوم ومنح مفتشي الأمم المتحدة الإذن بدخول كل المواقع في أنحاء إيران، ووقف دعم طهران لجماعة "حزب الله" في لبنان، ولتمرد "أنصار الله" في اليمن، ولحركة "حماس" الفلسطينية.

وسرد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في 21 مايو الماضي قائمة مؤلفة من 12 طلبا شملت وقف إيران لتطوير الصواريخ ذات القدرات النووية، وسحب القوات التي تأتمر بأمرها في سورية، والكف عن الأفعال التي تهدد جيرانها.

وعندما تخلى ترامب عن الاتفاق النووي وعد بفرض "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية" على إيران، قائلا إن هذا سيجعلها ترغب في إبرام اتفاق جديد.

تعايش وأوراق

ومن العوائق الرئيسية أمام إجراء أي مفاوضات الافتقار إلى الثقة بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، وقناعة إيران بأن هدفه الحقيقي إسقاط حكومتها على الرغم من النفي الأميركي المتكرر.ورجح مراقبون أن تواصل إيران محاولة التحايل على العقوبات ومقاومتها، وأن يكون موقفها "إذا كنا سنقع فعلى الأقل لن نركع، بل سنموت واقفين".

وربما تحاول إيران التعايش مع تقلص عائدات النفط لعامين في انتظار، معرفة ما إذا كان ترامب سيعاد انتخابه، ثم تتخذ بعدها قرارا بشأن المحادثات.

ومن المرجح قبل المشاركة في أي محادثات أن تزيد إيران من دعمها لوكلائها في المنطقة، أو أن تجري تجارب صاروخية لتكسب أوراقا للتفاوض.