وسط بكاء الرجال وعويل النساء، شيعت أمس جثامين قتلى الهجوم الإرهابي، الذي استهدف حافلة تقل أقباطا من محافظة سوهاج، كانوا عائدين من دير الأنبا صموئيل بمحافظة المنيا في جنوب مصر، ما أسفر عن مقتل 7 وإصابة 18، بينهم أطفال، في هجوم هو الثاني في محيط الدير، الواقع في منطقة جبلية غربي المنيا.

وشارك آلاف المشيعين الأقباط الغاضبين في جنازة لدفن 6 أفراد من عائلة واحدة قتلوا في الهجوم، وأقيمت صلوات الجنازة على الجثامين في كنيسة الأمير تادرس الشطبي بمحافظة المنيا، بمشاركة أساقفة الكنيسة القبطية، وعدد من القيادات الأمنية والتنفيذية بالمحافظة، وسط مشاعر من الحزن العميق الذي ظهر في حالات من البكاء سادت بين صفوف المسيحيين، بينما شهدت الكنيسة الإنجيلية في قرية عزبة رويدا تشييع جنازة الضحية السابعة.

Ad

ومنذ فجر أمس، احتشد مئات من الاقباط الغاضبين داخل وحول كنيسة الأمير تادرس، والتي انتشر حولها رجال أمن ملثّمون، وأكثر من 10 سيارات إسعاف، لحضور جنازة الضحايا، وبعد انتهاء الصلاة، أُخرجت الجثامين في توابيت بيضاء، وضعت عليها زهور بيضاء ايضا، وسط هتافات «بالروح، بالدم نفديك يا صليب».

وقال الأنبا مكاريوس، في كلمة ألقاها بعد انتهاء القداس الجنائزي، «نحن لا ننسى وعود المسؤولين، بمن فيهم رئيس الجمهورية، بمعاقبة الجناة». وكان الأنبا مكاريوس ووجه بصيحات احتجاج من الحضور الغاضبين، عندما قدم الشكر خلال الكلمة نفسها إلى مسؤولي الأمن.

ومساء الجمعة خيمت أجواء من التوتر أمام مستشفى المنيا العام، حيث بقي أهالي الضحايا المحتجين حتى الساعات الأولى من صباح أمس، ما حمل قوات الأمن على الإبقاء على انتشارها في الشوارع المحيطة خشية وقوع حوادث.

من جهته، قال مصدر أمني، لـ«الجريدة»، إن حالة الاستنفار أعلنت من قبل وزارة الداخلية، لتكثيف عمليات البحث عن الجناة الذين هاجموا 3 حافلات تقل أقباطا كانوا في طريق عودتهم من دير الأنبا صموئيل، عقب تعميد طفل.

وأفاد المصدر بأن حافلتين تمكنتا من الفرار، بينما أطلقت العناصر الإرهابية الرصاص على الثالثة، مشيرا إلى استمرار عمليات التمشيط في المناطق الجبلية، بحثا عن الإرهابيين وأماكن تمركزهم.

فتح تحقيق

بدوره، أصدر النائب العام المصري المستشار نبيل صادق قرارا عاجلا، مساء أمس الأول، بفتح تحقيق موسع لمعرفة ملابسات الحادث، فيما بدأ فريق من أعضاء نيابة شمال المنيا الكلية، وأعضاء نيابة أمن الدولة العليا معاينة الحادث، لإجراء التحقيقات اللازمة للوقوف على أسباب وكيفية وقوع الحادث.

تعويضات

وأعلنت وزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي، أمس، صرف تعويضات عاجلة لأسر ضحايا الحادث، بقيمة 100 ألف جنيه لأسر المتوفين، ومعاملتهم معاملة الشهداء، وصرف معاش استثنائي 1500 جنيه لأسر المتوفين، كما تقرر صرف 50 ألفا للمصابين بإصابات تستدعي العلاج أكثر من 72 ساعة، وألفين لمن أصيب إصابة طفيفة.

تعاز متبادلة

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي شدد، عبر حسابه على «تويتر»، على مواصلة جهود مكافحة الإرهاب وملاحقة الجناة، مؤكدا أن العملية الغادرة تسعى للنيل من نسيج الوطن المتماسك.

وهاتف السيسي بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تواضروس الثاني، الموجود خارج مصر للقيام بجولة رعوية، وبحسب بيان الكنيسة، فإن الرئيس أعرب عن خالص تعازيه بشهداء الحادث الإرهابي.

وأعرب بابا الأقباط، في كلمة مسجلة بثت مساء أمس الأول، عن تألمه من الحادث، مؤكدا أن «مثل هذه الأحداث التي تصيبنا، لا تصيبنا نحن كمسيحيين فقط، لكنها تصيب المجتمع المصري بأكمله، ونعلم أن أثمن ما نملكه هو وحدتنا وتماسكنا، وأن مثل هذه الأحداث تزيدنا صلابة، ونحن نصلي من أجل الشهداء ومن أجل المصابين ومن أجل سلام بلادنا»، وشدد على أن مصر بتماسكها ستهزم الإرهاب.

إدانات بالجملة

في الأثناء، دان الأزهر الشريف الهجوم، وأكد الإمام الأكبر أحمد الطيب أن مرتكبيه تجردوا من أدنى معاني الإنسانية، مشددا على أن مثل هذه العمليات لن تزيد المصريين إلا إصرارا على المضي صفا واحدا في الحرب على الإرهاب، بينما دعا مفتي الديار المصرية شوقي علام المسلمين والمسيحيين إلى التكاتف في مواجهة محاولات الوقيعة.

في سياق منفصل، وقبل افتتاح الرئيس السيسي لمنتدى الشباب الدولي في شرم الشيخ، مساء أمس، التقى السيسي نظيره الفلسطيني محمود عباس، للتباحث حول آخر مستجدات الساحة الفلسطينية، لاسيما جهود المصالحة الوطنية، والذي تقوم مصر بدور رئيسي فيها لإنجازها عبر سد هوة الخلاف بين فتح وحماس.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، إن الرئيس المصري شدد على ثبات الموقف المصري من القضية الفلسطينية، المرتكز على حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وأوضح المتحدث أن الرئيس الفلسطيني أكد أن السلطة الفلسطينية عازمة على المضي قدماً في خطوات إنهاء الانقسام، سعيا لتوحيد الشعب الفلسطيني وتمكينه من مواجهة التحديات المختلفة التي تواجه القضية الفلسطينية.

وغادر الوفد الأمني المصري قطاع غزة أمس بعد يومين من إجراء مباحثات بشأن تثبيت التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل. وقالت مصادر مقربة من «حماس» إن الوفد، برئاسة مسؤول ملف فلسطين في المخابرات المصرية اللواء أحمد عبدالخالق، سيعود قريبا لاستكمال المباحثات.

وبحسب وسائل إعلام مقربة من حماس، فإن الوفد أشاد بالتزام القائمين على احتجاجات أمس الاول باتفاق خفض التوتر الذي أقره مع الفصائل في القطاع.

وكان عضو المكتب السياسي لـ«حماس» خليل الحية، صرح أمس الأول شرق غزة بأن مباحثات كسر الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة «توشك على النجاح».