عبدالله الرويشد وريهام عبدالحكيم يبدعان في ليلة «شريعيات»
أمسية رائعة حضرها نجل وزوجة الموسيقار الراحل عمار الشريعي
استحوذ الفنان الكبير عبدالله الرويشد على اعجاب الجمهور في ليلة أعمال الموسيقار الراحل عمار الشريعي، التي كان فيها بحالة تجل وسلطنة.
في ليلة رسمت بريشة الإبداع الفني، وشنفت الآذان بها، وحصدت إعجاب الجمهور على مدى ساعتين، أحيا المطربان عبدالله الرويشد وريهام عبدالحكيم أمسية أعمال الموسيقار العبقري الراحل عمار الشريعي تحت عنوان "شريعيات"، بمشاركة أوركسترا الاتحاد الفيلهارموني بقيادة المايسترو نادر عباسي، على خشبة المسرح الوطني بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، وحضرها نجل وزوجة الموسيقار الراحل.استُقبلت الفرقة الموسيقية والمايسترو نادر عباسي بتحية كبيرة من الجمهور، ثم استهلت برنامج الحفل مع إحدى المقدمات الموسيقية الرائعة الشهيرة للموسيقار عمار الشريعي، وهي مقدمة مسلسل الجاسوسية "رأفت الهجان"، التي تعد من العلامات الفارقة في تاريخ الدراما المصرية، ولاتزال محفورة في أذهان الجماهير منذ عرضه للمرة الأولى عام 1988 إلى الآن، ولاقت تفاعلاً كبيراً من الحضور.ثم انتقلت الفرقة إلى عزف موسيقى فيلم "حليم"، لتتبعها بمقدمة مسلسل مسلسل "أم كلثوم"، الذي عرض في رمضان عام 1999م، حين استخدم الشريعي أغاني "برضاك يا خالقي" و"ذكريات" و"رق الحبيب" لتكون تتر البداية والنهاية، التي يقول عنها الراحل، إنه بعد أن أفاق من نومه جاءته الفكرة التي سجلها على الفور بمسجل يضعه إلى جانبه، إذ كان الموسيقار محمد عبدالوهاب قد أسدى إليه نصيحة بذلك، لأن الجملة الموسيقية الجميلة لا تحدث إلا مرة واحدة، فسجله الشريعي ثم اتصل بمخرجة المسلسل إنعام محمد علي قائلاً: لا تقلقي لقد وصل تتر أم كلثوم.
ثم تحولت الفرقة إلى أحد أهم الأعمال الفنية للراحل عمار الشريعي، وهو مقدمة مسلسل "الزيني بركات" (1995)، تلتها مقدمة مسلسل "امرأة من زمن الحب" (1998).
ريهام عبدالحكيم
بعدها، صعدت المطربة المصرية ريهام عبدالحكيم، لتطرب الأسماع من خلال أغنية "حبيبتي من ضفايرها" وهي من أجمل أشعار سيد حجاب وألحان الشريعي وغناها علي الحجار وهدى عمار، من كلماتها: "حبيبتي من ضفايرها طل القمر/ وبين شفافيها ندى الورد بات/ ضحكتها بتهز الشجر والحجر/ وحنانها بيصحى الحياة في النبات/ حبيبتي بتعلمني أحب الحياة/ من حبي فيها حياتي شمس وربيع/ والحب في الدنيا دي طوق النجاة/ لولاه يضيع قلب المحب الوديع". وأعقبتها عبدالحكيم بأداء مقدمة مسلسل "نور القمر" التي شاركت بنفسها في غنائها حينما رشحها الشريعي.وقبل حلول موعد الاستراحة، عزفت الفرقة مقدمة مسلسل "أخو البنات" (1984).عبدالله الرويشد
وبعد انتهاء الفرقة بعزف مقدمة مسلسل "دموع صاحبة الجلالة" (1993) في بداية الجزء الثاني من الحفل، جاءت اللحظة التي انتظرها الحضور عن ترقب وحماسة لفقرة الفنان الكبير عبدالله الرويشد، حيث استقبله الجمهور بوابل من التصفيق وصافرات الاعجاب.وفي كلمة مقتضبة، قال الرويشد مخاطباً جمهوره: "أبرك الساعات التي أراكم فيها، وأنا سعيد أن أشارك إلى جانب هذه الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو الكبير العالمي نادر عباسي، وأوجه الشكر إلى مراد عمار الشريعي ووالدته وأقول لهما أهلاً وسهلاً بكم في الكويت".واستهل الرويشد الغناء، مع إحدى أعماله الجميلة وهي بعنوان "استحملك"، من كلمات شاعر الغنائي الكبير بدر بورسلي، التي يقول مطلعها: "أستحملك تعاند ويغريك الغرور وأدللك/ لأن غرورك له طعم لأن عنادك له طعم/ تاخذني بالطبع العنيد تاخذني/ تآمر و أقولك يا نعم". واتبعها بأغنية "الجرح الأخير" من كلمات الشاعر بدر بورسلي. بعدها، عزفت الفرقة مقدمة مسلسل "امرأة في عيون وقحة" (1980)، عن قصة مبنية على أحداث حقيقية من ملفات الجاسوسية المصرية لإحدى عمليات المخابرات المصرية ضد الموساد الإسرائيلي، من بطولة الفنان الكبير عادل إمام.ليعود الرويشد ثانية إلى المسرح، وليقدم مفاجأته للجمهور، مغنياً مقدمة مسلسل "الشهد والدموع" هذا المسلسل حقق نجاحاً أسطورياً، فعند عرضه لأول مرة عام 1983 خلت الشوارع من المارة، وأغلقت المحلات والمتاجر، وتوقفت الأعمال، وكان من أحد أسباب نجاح المسلسل، تتره الذي لحنه عمّار وكتب كلماته سيد حجاب، وغناه علي الحجار.من شدة إعجاب أسامة عبدالحافظ، مخرج العمل، بالتتر وضعه على مشهد واحد فقط، وهو حنطور يسير في شارع واحد فقط، لكي يركز المشاهدين في كلمات حجاب ولحن عمّار، وصوت علي الحجار وهو يقول "كلنا من أم واحدة، وأب واحد، بس حاسين باغتراب".ليختتم الرويشد الحفل مع أغنية "مسحور" (1987) من كلمات بدر بورسلي، التي نقتطف منها: "وإنت بعيونك لي وطن/ وإنت المكان وإنت الزمن/ اللي أحس فيه بالأمان/ وينك يا عمري من زمان/ عزفي وأنا اللحن المثير/ نادي على دربك أسير/ مسحور أنا"، حيث كان الرويشد في قمة الإبداع والحس الفني حتى نهايتها مع مقطع الأخير للأغنية وهو من فن السامري: "يا جر قلبي لدن الغصوني/ غصون سدر جرها السيل جرا".ولم يصدق الحضور انتهاء الحفل، بعد أن ليلة طربية استثنائية، شهدت تألق المطرب القدير عبدالله الرويشد في أربع أغنيات، التي استحوذ من خلالها على اعجاب الجمهور، فظل يصفق طويلاً ثم وقف تقديراً للرويشد الذي كان في حالة تجل وسلطنة عبر أدائه الساحر.مدرسة موسيقية وإرث ضخم
الموسيقار الراحل الشريعي ولد في عام 1948 وتوفي في عام 2012 وكان واحدا من أعمدة الموسيقى في مصر وله علامات وبصمات في الموسيقى الآلية والغنائية المصرية بالإضافة إلى الموسيقى التصويرية لكثير من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية.وامتلك الشريعي مدرسة موسيقية ميزته بين الموسيقيين العرب وأجاد العزف على عدة آلات منها الاكورديون والبيانو والعود والأورغ الذي أدخل عليه نغمة (الربع تون) الشرقية معطياً الآلة الغربية هوية جديدة.وترك الشريعي إرثاً موسيقياً ضخماً يقدر بأكثر من 300 لحن أغنية لأكبر المطربين في مصر والعالم العربي والموسيقى التصويرية لـ 50 فيلماً سينمائياً وتترات (مقدمات) وأغنيات وموسيقى تصويرية لنحو 150 مسلسلاً تلفزيونياً و20 عملاً إذاعياً.ولحن الفنان الراحل 10 مسرحيات وألف (كونشيرتو) لآلة العود عزفه مع أوركسترا عمان السيمفوني ليصنف بامتلاكه كل هذا التراث الموسيقي العظيم ضمن أعلى القامات الموسيقية العربية.وبرع الشريعي في تلحين أغنيات الأطفال ومنها (يا شمس يا شموسة) و(حادي بادي) وحصد خلال مسيرته الفنية العديد من الجوائز الرفيعة أهمها جائزة مهرجان (فالنسيا) في إسبانيا (1986)، وجائزة مهرجان(فيفييه) في سويسرا (1989)، كما فاز بجائزة السلطان قابوس مرتين، وجائزة من ملك الأردن عبدالله بن الحسين.
الرويشد غنى «استحملك» و«الجرح الأخير» و«مسحور» ومقدمة «الشهد والدموع»