عشية سريان حزمة جديدة من العقوبات الأميركية على إيران غداً، تشمل خصوصاً قطاعَي النفط والمصارف، ارتفع منسوب لهجة التحدي بين واشنطن وطهران.

وبينما تمسك الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظرية الضغوط القصوى لإجبار إيران على التفاوض على اتفاق جديد شامل يلحظ أنشطتها الإقليمية، بدا أن طهران مصممة على المواجهة، مع اتساع الفجوة بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، الذين وجدوا أنفسهم في خندق واحد مع موسكو وبكين.

Ad

وجدد ترامب، أمس الأول، تأكيده أن «الهدف من العقوبات هو إرغام النظام الإيراني على القيام بخيار واضح: إما أن يتخلى عن سلوكه المدمر، وإما أن يواصل على طريق الكارثة الاقتصادية»، في وقت ذكّر بأن الولايات المتحدة «لا تزال منفتحة أمام التوصل إلى اتفاق جديد أكثر شمولاً».

في المقابل، قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، أمس، في خطاب ألقاه بطهران لدى استقباله حشداً من التلاميذ والطلبة الجامعيين، إن بلاده انتصرت على ما سماه «التحدي الأميركي» طوال 40 عاماً منذ الثورة الإسلامية، التي أطاحت الشاه عام 1979، وأوصلت رجال الدين المتشددين إلى السلطة، مؤكداً أن إيران ستنتصر مجدداً.

وانتقد خامنئي ترامب، وأكد أنه «ألحق العار بما تبقى من هيبة أميركا والليبرالية الديمقراطية»، زاعماً أن «قوة أميركا الخشنة، أي الاقتصادية والعسكرية، تتراجع».

بدورها، قللت «الخارجية» الإيرانية من تأثير العقوبات الجديدة، مؤكدة أن تداعياتها السلبية بسيطة على الاقتصاد، في حين اعتبر محافظ البنك المركزي الإيراني عبدالناصر همتي أن أميركا فشلت في «تصفير» صادرات طهران النفطية.

وبعدما جددت ألمانيا وإيطاليا وفرنسا التزامها بحماية الشركات الاقتصادية الأوروبية، التي تعمل في مشاريع تجارية مع إيران، وبالحفاظ على صيانة القنوات المالية الفعالة مع طهران، واستمرار تصدير النفط والغاز الإيرانيين، اتجهت الأنظار إلى هوية الدول الثماني التي ستعفيها واشنطن مؤقتاً من العقوبات.

وأكد العراق والهند أنهما مشمولان بالاستثناء، في وقت توقعت تركيا أن تكون ضمن اللائحة التي قد تشمل كذلك الصين والامارات.

ومع قلق المستثمرين من وفرة المعروض بعد إعلان هذا الإعفاء المؤقت المشروط بخفض عمليات الشراء، هبطت أسعار النفط نحو 1%، أمس الأول، وأنهت الأسبوع على خسارة تزيد على 6%.

وفي محاولة للالتفاف على العقوبات، بدأت إيران اتخاذ إجراءات، إذ أطفأت كل سفنها أجهزة الإرسال على متنها لتجنب أنظمة الرقابة الدولية في سابقة من نوعها، ولا يمكن حالياً تعقب هذه السفن إلا باستخدام صور الأقمار الصناعية.

كما يبدو أن إيران لجأت إلى طريقة أخرى استخدمت في فترة العقوبات الأخيرة بين عامي 2010 و2015 تتمثل في تخزين النفط بناقلات ضخمة قبالة سواحل الخليج.

ورغم تعهد الاتحاد الأوروبي بإنشاء مؤسسة تعرف باسم «الشركة ذات الغرض الخاص» لحماية الشركات التي تشتري النفط، يشكك المحللون في إمكانية مخاطرة الشركات بالتعرض لعقوبات أميركية عبر اللجوء إلى هذه الآلية.

لكن المشتريَين الأكثر مدعاة للحذر بالنسبة إلى الولايات المتحدة في حملتها لممارسة «أقصى درجات الضغط» على إيران هما الهند والصين.

إلا أن الصين، أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، بدت مستعدة لدرجة مفاجئة للامتثال للعقوبات الأميركية حتى الآن، والسبب في ذلك، جزئياً، أن لديها مسألة مهمة تستوجب التركيز عليها، هي حربها التجارية المستمرة مع واشنطن.

وحتى لو كان بمقدور إيران تهريب النفط من موانئها، سيكون من الصعب عليها إدخال الأموال إلى حساباتها.