وفقاً لتجارب أكثر من عشرة أعوام ماضية، فإنه لا يمكن أن تكون هناك ثقة بأن اتفاق التهدئة بين حركة حماس وإسرائيل، الذي يفترض أن تكون المصادقة عليه بين الطرفين قد تمت أمس الأحد، ليس في اتجاه حلٍّ سياسي على أساس "صفقة القرن"، الذي كان وعد بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من وراء ظهر منظمة التحرير الفلسطينية، التي هناك مخاوف جدية من أن تكون مقاطعة الجبهتين (الشقيقتين)، الشعبية والديموقراطية، لاجتماعات المجلس المركزي الأخير خطوة فعلية للطلاق التنظيمي معها والانضمام إلى مشروع الإخوان المسلمين، الذي تدعمه إيران وتموله جهات عربية.وخلافاً لبعض التأكيدات غير الموثوقة وغير المضمونة بأن هذا الاتفاق الذي وقع بين إسرائيل و"حماس" هو إجراء مؤقت وأوليٌّ، إلى حين إبرام اتفاق مصالحة بين "فتح" وحركة المقاومة الإسلامية، ليجري بعد ذلك اتفاق هدنة رسمية "طويل الأمد"؛ فإن هذا غير مضمون على الإطلاق، مادام هناك لاعبون كثر، وأموال عربية، وربما أيضاً غير عربية، في اتجاه "القطاع"، بحجة دفع رواتب أعضاء هذه الحركة، التي عندما قامت بانقلابها الدموي في عام 2007 على السلطة الوطنية فإنه كان واضحاً أنها تريد إقامة الدولة "الإخوانية" في هذا الجزء من فلسطين، بالاتفاق مع الدولة الإسرائيلية، وبمباركة بعض العرب وبعض الدول الإسلامية.
وهنا، فإنه لا شك في أنّ مصر، التي ذاقت الأمرين في تجاربها السابقة واللاحقة مع الإخوان المسلمين، لا يمكن أن تقبل بهذا الحل الذي كان جرى ولا يزال يجري تحت عنوان "التهدئة"، ولا يمكن أن "تسكت" عن إقامة مثل هذه الدولة "الإخوانية" عند خاصرتها الشمالية، وهي لا تزال تخوض حرباً فعلية مع "إرهابيي" الإخوان في شبه جزيرة سيناء، وفي مناطق أخرى في مصر، وحيث كان استهداف "الأقباط" الأخير التأكيد على أن "هؤلاء" -أي "الإخوان"- مصرون على مواصلة حربهم ضد أرض الكنانة وضد الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظامه، ولو باستخدام اسم "داعش"، الذي غدت تستخدمه جهات متعددة وكثيرة.لقد تأخر التحاق "الإخوان المسلمين" بالكفاح الفلسطيني المسلح أكثر من عشرين عاماً، ولعل ما يؤكد أنهم قد أطلقوا حركة حماس في عام 1987 لتكون البديل لحركة فتح ولمنظمة التحرير، على أساس أنه "لم يبق في الميدان إلا حميدان"، وأنه بعد اجتياح الإسرائيليين لبيروت في عام 1982 وانتقال أبوعمار ومن معه إلى تونس أصبحت الظروف مهيأة لهم ولحركة المقاومة الإسلامية هذه التي بقيت تصر على عدم الالتحاق بمسيرة الشعب الفلسطيني وبالثورة الفلسطينية، التي كانت انطلقت في عام 1965، وأنها البديل "الشرعي" لكل الفصائل والتنظيمات السابقة واللاحقة.وعليه، فإن مع الرئيس أبومازن وحركة فتح الحق كله في كل هذه المخاوف من أن يكون اتفاق "التهدئة" هذا بين "حماس" والإسرائيليين هو الخطوة الأولى لتنفيذ "صفقة القرن"، التي كان أعلن عنها ترامب ولا يزال يصر عليها، والتي هي، كما هو واضح، تحظى بدعم بعض العرب، والدليل هو "إفراج" بنيامين نتنياهو عن الأموال العربية الموجهة، ليس إلى قطاع غزة بل إلى حركة المقاومة الإسلامية.
أخر كلام
«التهدئة» في غزة... ماذا تعني؟!
05-11-2018