يدلي الأميركيون، غداً، بأصواتهم في انتخابات منتصف الولاية، وهي سلسلة عمليات اقتراع على المستويين الوطني والمحلي، تُنظم بعد عامين من الانتخابات الرئاسية، وغالباً ما تتحول إلى استفتاء حول الرئيس.

وهناك كثير من الاهداف التي يسعى المرشحون إلى تحقيقها من وراء الفوز في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، بغرفتيه، مجلس النواب ومجلس الشيوخ، والتي تأتي تقريبا في منتصف الفترة الرئاسية الأولى للرئيس دونالد ترامب، والتي بدأت منذ قدومه إلى البيت الابيض في 20 يناير 2016.

Ad

ويرى كثيرون فيها اختبارا حقيقيا لسياسات الرئيس على مدار نحو 20 شهرا. ومن المتوقع أن تؤدي الانتخابات النصفية إلى تغير في موازين القوى داخل غرفتي الكونغرس، وربما تُلقي بالرئيس في أتون ظروف قاسية.

آلية الانتخابات

يُعاد انتخاب جميع أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435 نائبا، وتسيطر على المجلس حاليا غالبية جمهورية مريحة مع 236 مقعدا مقابل 193 للديمقراطيين و6 مقاعد شاغرة.

ومن أجل استعادة السيطرة على المجلس، يجب أن يفوز الديمقراطيون بـ23 مقعداً إضافيا، ويبدو الانتصار في متناولهم رغم أن المنافسة على نحو 30 مقعدا شديدة جدا، حسب استطلاعات الرأي، وسيبدأ المنتخبون الجدد ولايتهم التي تستمر سنتين في بداية يناير 2019، ويضم مجلس الشيوخ 100 مقعد، ويتم تجديد ثلثها كل عامين، أي 35 مقعدا هذا العام.

ويملك الجمهوريون الغالبية حاليا مع 51 مقعدا مقابل 49 ديمقراطيا، لكن الخريطة الانتخابية لمجلس الشيوخ غير مؤاتية بالنسبة إلى الديمقراطيين، لأن عليهم الدفاع عن 26 مقعداً (بينها 6 مهددة) مقابل 6 للجمهوريين.

ويُنتخب أعضاء مجلس الشيوخ لست سنوات، ويبدأون ولايتهم أيضا في بداية يناير.

عمليا، يتم تجديد كل المجالس المحلية (التشريعية وشيوخ الولايات)، إضافة إلى حكام 36 ولاية من أصل 50، والعديد من المناصب الأخرى (رؤساء بلديات ومقاطعات، قضاة محليون...)، وسيصوت الناخبون أيضا على العديد من المبادرات المحلية.

وقد تكون وطأة هذه الانتخابات هائلة، لأنه منذ أكثر من 150 عاما نادرا ما نجا الحزب الرئاسي من تصويت عقابي، ويخشى الجمهوريون خسارة السيطرة على الكونغرس.

وفي حال انتزاع الغالبية في هذه الانتخابات، يستطيع الديمقراطيون بدء إجراءات حجب الثقة عن ترامب، فمجلس النواب فقط هو الذي يملك صلاحية الإقدام على هذه الخطوة.

وعلاوة على ذلك، إذا سيطرت المعارضة على مجلس النواب فسيخوض الجمهوريون صراعات مريرة في مساعيهم لضمان الموافقة على إصدار تشريعات جديدة، مثل تلك المتعلقة بإصلاح النظام الضريبي أو الرعاية الصحية أو الهجرة.

كما أن التحقيقات ستتزايد في الكونغرس بحق إدارة ترامب، لاسيما بشأن الشبهات حول تواطؤ فريق حملة ترامب مع روسيا في انتخابات 2016، وسيتولى الديمقراطيون رئاسة اللجان البرلمانية في مجلس النواب، ما سيعطيهم إمكانية توجيه استدعاءات لمثول شهود يودون الاستماع إلى إفاداتهم تحت القسم.

مجلس الشيوخ

أما في مجلس الشيوخ فمن المقرر إجراء الانتخابات النصفية على ثلث المقاعد، 35 من إجمالي 100 مقعد.

ويتمتع الجمهوريون حاليا بغالبية ضئيلة في المجلس، مكنتهم، على سبيل المثال، من تأكيد مرشحين اثنين لترامب لعضوية «المحكمة العليا للولايات المتحدة». ويتوق الديمقراطيون بلهفة إلى انتزاع الغالبية داخل الغرفة الأعلى من الكونغرس، رغم تشكيك نتائج استطلاعات الرأي في تمكن الحزب من تحقيق هذا الهدف.

وإن تمكن الديمقراطيون من السيطرة على مجلس الشيوخ فقد يعملون على إعاقة جميع تعيينات ترامب سواء للمحكمة العليا أو النظام القضائي الفدرالي أو المناصب التنفيذية في الإدارة، إذ إن مجلس الشيوخ له الكلمة الفصل في هذه الخيارات الرئاسية.

ووفقا لتقديرات موقع «853»، المتخصص في تحليل نتائج استطلاعات الرأي، سيحافظ الجمهوريون على الغالبية التي يحظون بها في مجلس الشيوخ خلال انتخابات التجديد النصفي.

وتتخذ الانتخابات التشريعية شكل استفتاء على ترامب، ورغم أن اسم الرئيس غير مدرج على بطاقات التصويت، فإن العديد من الأميركيين يعتبرون أن انتخابات 6 نوفمبر ستكون بمنزلة استفتاء عليه.

وفي الولايات المحافظة مثل كنساس وكارولاينا الجنوبية، ليس هناك ما يدعو المرشحين الجمهوريين إلى النأي بأنفسهم عن ترامب، بل يمكنهم الاستناد إلى شعبيته الكبيرة بين المحافظين.

لكن مع اشتداد المنافسة بين الجمهوريين والديمقراطيين في عدد من الدوائر، فإن التقرب من ترامب قد يضر بحظوظ المرشحين، ما يحمل الجمهوريين على تركيز حملتهم على النمو الاقتصادي المتين، بينما يعمد الديمقراطيون في المقابل إلى تذكير الناخبين باستمرار بسياساته المثيرة للجدل في مواضيع الهجرة والصحة والتجارة.

وتُظهر استطلاعات الرأي أن انتخابات منتصف الولاية لا تجذب الناخبين. وحسب الإحصاءات، مارس 41.9 في المئة فقط من الناخبين حقهم المدني عام 2014، مقابل 61.4 في المئة عام 2016، عندما كانت انتخابات الكونغرس متزامنة مع الانتخابات الرئاسية.

لكن هذا العام، قد تسجل المشاركة أرقاماً قياسية بسبب التعبئة الكبيرة لمعارضي ترامب، وخصوصا الشباب.

حكام الولايات

وفي سباق حكام الولايات، يتعين على الناخب الاميركي اختيار حكام جدد لـ36 ولاية، ويتضمن هؤلاء حاليا 26 حاكم ولاية جمهوريا، و9 ديمقراطيين، وحاكما واحدا مستقلا.

ولا تحظى انتخابات حكام الولايات بنفس درجة الاهتمام والمتابعة التي تلقاها انتخابات الكونغرس، إلا أنها ذات أهمية قصوى، ليس فقط لأن كل ولاية من الولايات الخمسين تستطيع وضع قوانين محلية خاصة بها، مثل تلك التي تتعلق بزواج المثليين أو حمل السلاح أو قواعد تعاطي الماريغوانا، ولكن لأنها أيضا تضع الحدود الخاصة بالدوائر الانتخابية، بما ينطوي عليه ذلك من تأثير مباشر على انتخابات مجلس النواب. ويتوقع أن يحتفظ الجمهوريون بغالبية مناصب حكام الولايات، حتى في حال فاز الديمقراطيون التي تمثل الغالبية.