بالتزامن مع سريان الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية، التي تشمل قطاعي النفط والمصارف، على إيران أمس، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن بلاده "ستلتف بفخر" على العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها بعد انسحابها بشكل أحادي من الاتفاق النووي قبل 6 أشهر ومطالبتها طهران بإبرام اتفاق جديد يشمل سياساتها في المنطقة.وقال روحاني، في خطاب متلفز: "أعلن أننا سنلتف على عقوباتكم غير المشروعة والظالمة، لأنها تخالف القوانين الدولية"، مضيفاً أن "أميركا أرادت أن تخفض مبيعات النفط الإيرانية إلى الصفر. لكننا سنواصل بيع نفطنا".
وتابع الرئيس، الذي كان يتحدث لمجموعة من الاقتصاديين: "نحن في وضع حرب اقتصادية ونواجه قوة متغطرسة. لا أعتقد أنه في تاريخ أميركا دخل شخص إلى البيت الأبيض وهو يخالف القانون والاتفاقيات الدولية إلى هذا الحد".وزاد: "على أميركا أن تعلم أنها لا تستطيع استخدام لغة القوة ضد إيران. نحن على استعداد لمقاومة أي ضغط"، مضيفا أن أربع دول عرضت عليه خلال زيارته لنيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي التوسط مع الولايات المتحدة، لكنه رفض ذلك، داعيا الأميركيين إلى "الالتزام بالتعهدات" للدخول في حوار جديد.في موازاة ذلك، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تمسك بلاده بـ "الاتفاق النووي"، وقال إنه حفِظَ مصالح البلد برمّتها، لافتا إلى احتفاظ طهران بقدرتها على العودة إلى أفضل مما كانت عليه في برنامجها النووي السلمي، في حال خرجت من المعاهدة التي تحجم قدراتها النووية.
ورداً على أسئلة طرحها نواب مجلس "الشورى" عن سبب توقيع اتفاق سري مع الولايات المتحدة بعد إبرام الاتفاق النووي في 2015، نفى الوزير سرية أيّ وثيقة تلت توقيع الاتفاق، مؤكداً أنّ "كل شيء تمّ بشفافية وتم إعلانه على مستوى الرأي العام، وهو الآن موجود على موقع الوزارة الالكتروني". وعقب انتهاء جلسة مساءلة ظريف جاءت نتيجة التصويت بشأن اقتناع النواب بأجوبته على الأسئلة إيجابية. وفي تغريدة على "تويتر" رأى ظريف أن العقوبات الأميركية ستنقلب على واشنطن وتعزلها، في وقت كشف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن خطوات تدشين الآلية المالية التي وعدت بها الدول الأوروبية لمواصلة التجارة مع طهران والالتفاف على العقوبات الأميركية تسير بشكل جيد، موضحا أنها تحتاج إلى نحو شهر لإعلانها ودخولها مرحلة التطبيق.من جهة ثانية، أطلقت إيران، أمس، مناورات مشتركة بين «الحرس الثوري» والجيش للدفاع الجوي في مناطق واسعة بشمال ووسط البلاد. ووصفت تقارير إيرانية المناورة التي تهدف إلى مواجهة الصواريخ المضادة للرادار وصواريخ الكروز بالأكبر، وذكرت أنها تجرى باستخدام منظومة دفاع محلية الصنع، وشهدت تدشين نظام مدفعي جديد.
ترامب وبومبيو
في المقابل، تباهى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ"تراجع نفوذ إيران في المنطقة" جراء سياساته ضدها، واصفا العقوبات الاقتصادية بأنها "الأكثر صرامة" في تاريخ أميركا.وأشار ترامب إلى أن طهران بدت على وشك السيطرة على الشرق الأوسط قبل بداية عهده، لكن الأمور تغيرت أخيراً، مضيفا: "لقد تغيرت الأمور كثيرا منذ بداية عهدي، إذا عدتم إلى اليوم الذي سبق تسلمي للمنصب، فسترون أن طهران بدت وكأنها على وشك السيطرة على الشرق الأوسط"، وبينما لفت إلى أن الوضع تغير بسرعة، مضيفا أنه "الآن لا أحد يتحدث عن ذلك"، أكد أن السبب في العقوبات هو السلوك الإيراني.ولاحقاً، شدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على أن العقوبات الجديدة ستمنع إيران من امتلاك المال والثروة التي تحتاج إليها من أجل "نشر الإرهاب حول العالم"، مشيراً إلى أن "حزمة العقوبات الجديدة هي الأكثر صرامة مقارنة بالعقوبات التي فرضت في السابق".وفي مقابلة مع شبكة "CBS" الأميركية، قال بومبيو إن "العقوبات تهدف لمنع النظام الإرهابي، من تمويل ميليشيات حزب الله اللبناني، وتمنعه من تدبير عملية اغتيال مثل التي أُحبطت في الدنمارك أخيراً، كما ستمنعه من تمويل جماعة الحوثي التي تطلق الصواريخ البالستية على السعودية من اليمن".من جهته، أكد وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين أن العقوبات تأتي كجزء من استراتيجية الحكومة الأميركية لتغيير سلوكيات طهران ودفعها للموافقة على اتفاق نووي أفضل بالمستقبل، لافتاً إلى أن العقوبات ترمي إلى تغيير سلوك المرشد علي خامنئي و"الحرس الثوري".وأضاف أن إعادة جهات قديمة إلى لائحة العقوبات وإضافة 300 جهة جديدة يعني نهاية التساهل الذي انتهجته إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، معتبرا أن العقوبات الجديدة تمثل خطوة مهمة لإحكام السيطرة على "أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم وانتهاكات حقوق الإنسان".في غضون ذلك، أعرب كل من الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، في بيان، عن أسفهم للخطوة الأميركية الجديدة. وجاء في البيان أنهم سيسعون لحماية الشركات الأوروبية التي ترتبط بتعاملات تجارية مشروعة مع طهران، مؤكدين التمسك بالاتفاق النووي.وأكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي المعني بشؤون سورية، ألكسندر لافرينتيف، دعم بلاده الحازم لإيران في مواجهة العقوبات الأميركية "غير القانونية".وقال لافرينتيف، أثناء لقائه في طهران أمين مجلس الأمن القومي علي شمخاني: "أتيت إلى طهران لأعلن دعم روسيا الحازم للجمهورية الإسلامية في مواجهة العقوبات الأمريكية غير القانونية".وبينما شددت الصين على ضرورة احترام تعاونها التجاري المشروع مع إيران، معربة عن أسفها لإعادة فرض العقوبات، توقع نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي عدم التزام كل الدول بالعقوبات الأميركية، مؤكدا أن تركيا ستحمي مصالحها مع جارتها دون السعي لعناد مع واشنطن.وعلى النقيض، رحّب وزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان بالخطوة الأميركية، لافتا إلى أن "قرار ترامب الجريء هو التغيير الجوهري الذي كان ينتظره الشرق الأوسط".وأضاف ليبرمان: "بخطوة واحدة وجّهت الولايات المتحدة ضربة حاسمة لترسّخ إيران في سورية ولبنان وغزة والعراق واليمن"، متوجها بالشكر إلى الرئيس الأميركي.