رهانات ترامب وسياساته المتشددة بطاقته للفوز عام 2020
مع بدء تطبيق الحزمة الثانية والأخطر من العقوبات الأميركية على إيران، تدخل المنطقة فصلا سياسيا جديدا قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تغيير جذري في "الستاتيكو" الذي استقرت عليه أحوالها منذ نحو عقدين من الزمن.في الشكل تحدثت مصادر سياسية أميركية عدة عن وجود بعض "التباينات" بين الرئيس دونالد ترامب وعدد من المسؤولين في إدارته، على رأسهم مستشاره للأمن القومي جون بولتون، ووزير الخارجية مايك بومبيو، ووزير الدفاع جيم ماتيس، حول كيفية بدء تطبيق العقوبات، وما إذا كان سيتم فرضها دفعة واحدة.تباينات عبر عنها بولتون بامتناعه عن عقد مؤتمر صحافي الجمعة الماضية، للإعلان عن تلك العقوبات، بعدما علم "بالإعفاءات" المؤقتة التي منحت لثماني دول لمواصلة استيراد النفط الإيراني.
في المقابل، لم تكشف تصريحات الوزير بومبيو عن تغييرات جذرية في توجهات الرئيس، لكن التزام وزير الدفاع ماتيس الصمت فُسر على انه من الاسباب التي اقنعت ترامب على الإبقاء على نافذة ضيقة أمام إيران، سواء لإقناعها بضرورة العودة الى طاولة المفاوضات، أو لإعادة ترتيب أوضاع القوات الأميركية في المنطقة، في ظل تغييرات لوجستية وعمليات صيانة دخلتها العديد من القطع البحرية والقوات والأسلحة التكتيكية في المنطقة.لكن التقدير الذي يسود داخل واشنطن يميل إلى الاعتقاد بأن الرئيس دونالد ترامب قرر هذا التدرج لخفض منسوب التوتر ضد سياساته الخارجية، وتخفيف الاحتقان السياسي قبل صدور نتائج الانتخابات النصفية، ولإظهار حرصه على أنه لا يسعى الى تصعيد المواجهة مع الجميع، سواء كانوا حلفاء أو أصدقاء او منافسين للولايات المتحدة. هكذا فسرت مثلا تصريحاته حول قرب التوصل الى اتفاق جيد مع الصين، الأمر الذي قابلته بكين مسبقا بإعلان رغبتها في وقف كامل لاستيراد النفط الإيراني.استخدام الحزب الديمقراطي لما وصفه بسياسات ترامب الخارجية الهوجاء، لتحسين حظوظه الانتخابية، قد يتحول إلى أداة غير مجدية، إذا تبين أن تلك السياسات، وخصوصا تجاه ملف إيران، في طريقها لتحقيق نتائج جيدة على المدى القريب.ويجمع العديد من المراقبين على أنه لا توجد اعتراضات جدية على النهج المتشدد الذي تتبعه واشنطن في هذا الملف، خصوصا أن إسرائيل التي تتمتع بأرجحية لا يضاهيها فيها أحد تجاه الإدارات الأميركية المتعاقبة، اكتسبت دفعا إضافيا عبر مزايدة الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الدفاع عن السامية، بعد مجزرة بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا، والتي راح ضحيتها 11 يهوديا قبل نحو 10 ايام.انسحاب ترامب من الاتفاق النووي غير عمليا اتجاهات السياسة الأميركية في المنطقة، وغير القواعد السياسية التي استندت اليها إدارة الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما في تعاملها معها. التشدد في السياسات الخارجية لم يعد يثير الاعتراض، في ظل ما يوصف بالنجاحات، سواء في ملف كوريا الشمالية أو إيران أو حلف الناتو أو الاتفاقات التجارية مع أقرب جيرانه ككندا والمكسيك، فضلا عن الأداء الجيد الذي يحققه الاقتصاد الاميركي، ما انعكس ارتياحا ولو ضمنيا لدى الطبقة السياسية الاميركية بكل اتجاهاتها.انحسار الخلافات على قضايا الطبابة والتأمين الصحي والتعليم وملف الهجرة، يظهر أن الرهان على تغيير السيطرة على مجلس النواب المرجح في هذه الانتخابات، وإبقاء مجلس الشيوخ تحت سيطرة الجمهوريين، قد يعطي ترامب رسالة اطمئنان بأن بإمكانها الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2020، وهو ما قد يكون مرجحا، إذا لم تطرأ مفاجآت غير متوقعة.