لا تزال العقدة السنية مستفحلة، على وقع إصرار الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري على موقفه الرافص لتوزير سنّي من خارج تيار «المستقبل»، معطوفا على ما يعتبره البعض محاولات حرمان رئيس الجمهورية ميشال عون والفريق الداعم له مما يسمى الثلث الضامن في الحكومة، باعتباره سلاحا في يد الرئيس يستطيع اللجوء إليه لتصويب مسار المشهد الحكومي عند بروز الحاجة إلى ذلك.

وأجّلت العقدة السنية الولادة المنتظرة للحكومة إلى أجل غير مسمى، بدليل أن الرئيس الحريري أجّل عودته من رحلته الفرنسية الخاصة التي كان من المفترض أن تنتهي مساء أمس الأول، في وقت لم يتوان رئيس مجلس النواب نبيه بري عن المبادرة، أمس، إلى الدعوة إلى جلسة تشريعية تستضيفها ساحة النجمة الأسبوع المقبل.

Ad

وتجمعت كل هذه المعطيات في الأفق السياسي لتأتي بعد تشدد غير مسبوق من جانب «حزب الله» إزاء توزير «سنّة المعارضة»، وهو ما أكده نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، الذي بلغ به الأمر أمس الأول حد القول إن «الحكومة لن تكتمل من دون السنّة المستقلين»، في حين شدد كثير من كوادر الحزب على أن الكرة هذه المرة في ملعب الرئيس المكلف لا رئيس الجمهورية. وقالت مصادر متابعة إن «الرئيس الحريري يتابع من باريس التصريحات المتعلقة بتشكيل الحكومة، لاسيما لناحية العرقلة الأخيرة»، مؤكدة أن «الرئيس المكلف يرى أن هذه التصريحات لا تقدم ولا تؤخر، بل تفرض المزيد من المراوحة».

وأضافت أن «الحريري قد لا يعود هذا الأسبوع الى بيروت، وقد يستكمل إقامته في باريس الى حين المؤتمر الذي سيشارك به في 11 الجاري في ذكرى انتهاء الحرب العالمية الأولى». وختمت: «لا جديد على صعيد العقدة السنية والملف الحكومي في حالة جمود، والحكومة في الثلاجة».

وأجرى الحريري، أمس، اتصالاً من العاصمة الفرنسية باريس بالرئيس عون أطلعه خلاله على نتائج الاتصالات التي أجراها بالمسؤولين الجزائريين، والتي أفضت إلى قرار تفريغ حمولتَيْ الباخرتَيْن الجزائريين لمصلحة «كهرباء لبنان»، على أن يواصل الحريري اتصالاته مع المسؤولين الجزائريين لإيجاد حل دائم للمسألة خلال الأيام المقبلة.

وكان وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال، سيزار أبي خليل، أعلن من قصر بعبدا، أمس، أنّه أبلغ الرئيس عون أن «بواخر «الفيول ستفرّغ حمولاتها ابتداء من الاثنين ولن يكون هناك قطع للكهرباء».

يذكر أن بواخر جزائرية تحمل الفيول الى لبنان موجودة في عرض البحر، وترفض تفريغ حمولتها في ظل عدم التوقيع على اعتمادات لوزارة الطاقة من أجل تأمين الفيول للمعامل، وهذا ما هدد بدوره مصير التيار الكهربائي، في ظل الحديث عن زيادة ساعات التقنين في كل المناطق، وصولا الى العتمة الشاملة.

في سياق منفصل، مهّد رئيس «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية لمصالحته التاريخية مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بلقاء مع أهالي شهداء مجزرة أهدن في بنشعي أمس الأول، بعيدا عن الإعلام.

وتستعد الساحة المسيحية عامة والشمالية خاصة لختم الجرح بين الزعيمين الشماليين باجتماع تحت قبة بكركي، خلال الأيام القليلة المقبلة، يتوّج مسارا طويلا من اللقاءات والاجتماعات السرية قادها ممثلون من الجهتين.

وسيحظى اللقاء بمباركة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس، لكَون بكركي ستحتضن داخل جدرانها الحدث، كما أعلن فرنجية في إطلالته التلفزيونية الأخيرة. وقال أمين سر تكتل «الجمهورية القوية» النائب السابق فادي كرم، أمس، إن «ما حصل في بنشعي يؤكد أن اللقاء بين جعجع وفرنجية بات قريبا»، مشيرا الى «دور كبير لعبته بكركي بإنجاز هذه المصالحة التاريخية».