معرض الشارقة الدولي للكتاب
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
الناظر اليوم إلى أوضاع الأقطار العربية، وما تعانيه من زلازل يومية، تضرب وتزعزع كيان الإنسان العربي، يقف باحترام وتقدير لهمّة الشباب العربي في السير على درب الكلمة والكتابة والإبداع، وينحني أكثر أمام إصرار الإنسان العربي/جمهور القراءة الفقير والمقموع على ملاحقة تلك الأعمال والتواصل مع كُتابها وفنانيها. وليس أدل على ذلك من تظاهرات معارض الكتب العربية التي غدت مشاعل مضيئة في ظلمة الليل العربي.معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته السابعة والثلاثين، التي تنعقد في أيامنا هذه، يضرب مثلاً ساطعاً للتظاهرة الإبداعية الثقافية الإنسانية. فإذا كانت بعض معارض الكتب العربية تحاول تجديد نفسها، وتحاول معارض أخرى التزي بثياب اللحظة الماثلة، فإن معرض الشارقة يخطو خطوات كبيرة، يؤكد من خلالها أنه أصبح ظاهرة عربية عالمية كبيرة وكبيرة جداً تستحق الإشادة. فقد راح هذه المعرض/التظاهرة يقفز قفزات كبيرة في العقد الأخير من عمره، حتى صار واحداً من أهم تظاهرات معارض الكتب في الوطن العربي، وصار يلمّ من حوله أعداداً كبيرة جداً من الكُتاب والفنانين العرب والعالميين، وكذلك العاملين في عالم النشر الورقي والإلكتروني من مختلف دول العالم، إضافة إلى المترجمين وأعداد غفيرة من المثقفين، وكأن هذا المعرض يتحدى نفسه في كل دورة، ليثبت تميزه وتخطيه كل الماثل أمامنا في معارض الكتب العربية الأخرى. انطلاقاً من كونه مبدعاً وأديباً عاشقاً للكلمة والكتاب والأدب والمسرح والثقافة، فإن اهتماماً كبيراً وحثيثاً من سمو الشيخ د. سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بكل ما يخص المعرض جعل روحاً خاصة تسري بين جنبات هذا المعرض. فاهتمام رأس هرم الإمارة بالمعرض انعكس كروح سحرية إيجابية وبشكل واضح على جميع فرق عمل المعرض، بدءا بالأستاذ أحمد العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب، مروراً بكل فرد يعمل في إدارة وتنظيم المعرض.معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته السابعة والثلاثين يقدم نفسه، لا بوصفه معرض كتاب، لكن بوصفه تظاهرة إبداعية ثقافية كبيرة للمبدعين والمثقفين والناشرين العرب والعالميين، وبما يمهد الطريق أمام علاقات مهمة وفاعلة بين المبدع والمثقف والناشر العربي، وبين نظيره الغربي، سواء في أوروبا أو أميركا أو الصين أو اليابان، مع التأكيد على أن معرض كتاب الشارقة استطاع أن يلفَّ حوله جمهوراً عربياً واسعاً يحج إليه في كل عام، وجمهورا آخر يتمثل بالجاليات الأجنبية في الإمارات، كونه انفتح على ثقافات أخرى كثيرة متنوعة.كُتب علينا بوصفنا شعوبا عربية أن نعاني أوضاعا بائسة تحيط بنا وتكاد تقضي علينا بقسوتها، لكن تظاهرات معارض الكتب، وعلى رأسها معرض الشارقة الدولي للكتاب، تأتي لتقول بما لا يدع مجالاً للشك: سيبقى الإنسان العربي عاشقاً مخلصاً للإبداع والأدب والثقافة بقدر عشقه للحياة!