سباق تسلّح مع روسيا؟ هيا بنا!
يحذّر فلاديمير بوتين من سباق تسلّح جديد ويهدد باستهداف الأمم الأوروبية التي قد تستقبل الأسلحة الأميركية المتوسطة المدى، وذلك في رد على زيارة مستشار الأمن القومي جون بولتون إلى موسكو حيث أكّد نوايا ترامب الانسحاب من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، التي تعود إلى زمن الحرب الباردة.تعهد بوتين خلال مؤتمر صحافي برد "سريع جداً وفاعل جداً" في حال نفّذ بولتون وترامب تهديدهما.ذكر بوتين: "إذا انسحبت الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، ينشأ سؤال مهم: ماذا ستفعل بكل هذه الصواريخ (المتوسطة المدى) التي ستعاود الظهور؟ إذا نشرتها في أوروبا، فمن الطبيعي أن يعكس رد فعلنا هذا الواقع. وعلى الدول الأوروبية التي تقبل بنشرها على أراضيها، إذا وصلت الأمور إلى هذا الحد، أن تفهم أنها تعرّض نفسها لخطر رد مضاد محتمل". وندرك جيداً نهاية هذه القصة.
يترنح الاقتصاد الروسي ولا يدعمه سوى عودة أسعار النفط العالمية إلى الارتفاع، ولكن لا أحد يعلم كم سيدوم هذا الوضع، صارت الولايات المتحدة اليوم قائد العالم في مجال الطاقة وما عادت تعتمد على نفط الشرق الأوسط لتستمر، وفيما يواصل إنتاج حوض برميان ارتفاعه بدعم من البيت الأبيض الموالي لقطاع الطاقة، ستسخر منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا قدرتهما على تحديد معدلات أسعار الطاقة العالمية.في عقر دار بوتين، تكبّل قطاعَ الأعمال الحرة في روسيا أقليةٌ حاكمة ثرية تستولي على كل ما ينمو ويكبر كثيراً، ومن أبرز الأمثلة على ذلك رغبة الكرملين المزعومة في الاستحواذ على 30% من Yandex، كبرى شركات الإنترنت الروسية، والحصول على حق النقض في جميع قرارات هذه الشركة المهمة. صحيح أن وسائل الإعلام التي تديرها الحكومة نفت هذه القصة، إلا أن هذا الإنكار بدا فارغاً، وفي المقابل، كما يعرف العالم، يحقق الاقتصاد الأميركي نجاحاً كبيراً، حتى مع التصحيحات الملحة القصيرة الأجل في الأسواق المالية أخيراً.أما بالنسبة إلى سباق التسلح الجديد، فقد أشار ترامب ببلاغة: "نملك كل المال. وسنواصل بكل بساطة بناء الأسلحة إلى أن يوقفوا ما يقومون به". لا شك أن بساطة هذه التصريح وعجزنا عن التشكيك فيه مذهلان. من المؤكد أن النتيجة الفضلى تبقى عودة الروس إلى الالتزام ببنود معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، ولكن رغم ذلك، كما أعلن بولتون في موسكو، ستواصل الصين القيام بما يحلو لها، بما أنها لا تشكّل طرفاً في هذه المعاهدة ولا تواجه أي قيود على قدرتها على بناء نوع الأسلحة بحد ذاته الذي يُفترض بهذا الاتفاق منعه.الاقتصاد الأميركي عميق، وواسع، ومتين جداً، وبعدما نزعت إدارة ترامب القفازين، أصبحت السماء حقاً حدود نموه، ولن تتمكن روسيا أو الصين من مجاراته، لذلك تحتاج روسيا بقيادة بوتين إلى تكبيل الولايات المتحدة بصفقات الأسلحة كي لا ينتهي بها المطاف إلى المصير ذاته كما الاتحاد السوفياتي، الذي وصف الرئيس الروسي تفككه بعبارته الشهيرة "كارثة جيو-سياسية".لكن الخطر الذي يشمله هذا الطرح الاقتصادي يتركز بالتأكيد في الجزء العسكري من هذه المعادلة. فإذا شعرت بكين وموسكو أن النهوض الأميركي يهددهما (نهوض يسرّعه ترامب باستعداده لمواجهة الصين في المجال التجاري)، فقد تسعيان عندئذٍ وراء حل عسكري من نوع ما لموازنة كفتي الميزان.هنا تكمن نقطة الضعف الأميركية، وبسبب سنوات أوباما، صارت النواقص العسكرية الأميركية واضحة ويراها العالم بأسره، حتى مع زيادة ترامب ميزانية الجيش، تحتاج الولايات المتحدة إلى سنوات لتدخل مقدراتها الجديدة حيز التطبيق. تحولت تايوان، وبحر الصين الجنوبي، وشرق أوكرانيا، ومنطقة البلطيق، وجوار روسيا إلى مناطق ساخنة، كذلك تشكّل الحرب غير المتكافئة خياراً.لا شك في أن وزارة الدفاع الأميركية ستُستفز لتشن صراعات منخفضة الحدة في آسيا الوسطى والشرق الأوسط، في حين تستعد لتخوض حرباً عالمية ضد خصمين يكادان يكونان ندين، لكني أعتقد أن هذا سبب جنيهما الأموال الطائلة.* ل. تود وود*«واشنطن تايمز»