أُسدل الستار، أمس، على الانتخابات التشريعية والمحلية النصفية في الولايات المتحدة بعد أشهر من الحملات التي نظّمها المرشحون الديمقراطيون والجمهوريون على مستوى البلاد، والتي تشكّل اختباراً لأداء الرئيس دونالد ترامب وستكون حاسمة لولايته.

ووفق الاستطلاعات الأخيرة، فإن الحزب الجمهوري يمتلك حظوظاً أكبر للمحافظة على الأكثرية في مجلس الشيوخ وزيادة مقاعده أيضاً، أما الحزب الديمقراطي، فيمتلك فرصة للعودة إلى الإمساك بمجلس النواب، ما يعني معارضة أكثر شراسة لترامب في العامين المتبقيين من ولايته الأولى.

Ad

لكن انتخابات 2016 علّمت الأميركيين درساً في عدم الركون إلى الاستطلاعات والاعتماد على لعبة الأرقام، فترامب انتصر رغم التوقعات المسبقة بهزيمته، واليوم، لا أحد يمكنه ضمان سير النتائج وفق الإحصاءات التي أجرتها كبريات المؤسسات المتخصصة ووسائل الإعلام الأميركية البارزة.

لكن مع الغموض الذي يلف نسبة المشاركة، وهو عامل رئيسي حاسم، إضافة الى عدم يقين الاستطلاعات من تأثير أسلوب ترامب على الناخبين، يعترف الحزبان بأنهما قد يكونان عرضة لمفاجأة ما.

وكانت أولى مكاتب الاقتراع التي فتحت أبوابها، أمس، على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وكذلك في كنتاكي في الوسط.

وأدلى عشرات الملايين من الناخبين بأصواتهم بالفعل في التصويت المبكر، الذي أُتيح في 37 ولاية وفي واشنطن العاصمة، في حين فُتحت مراكز الاقتراع أبوابها بأنحاء الولايات المتحدة المتبقية، وصولاً إلى هاواي.

تصويت النساء

وعكس آخر استطلاع للرأي أجراه معهد "إس إس آر إس" لحساب شبكة "سي إن إن" معطيات تثير قلق ترامب والجمهوريين حيال تصويت النساء، إذ يشير إلى أن 62 في المئة من الناخبات يؤيدن الديمقراطيين مقابل 35 في المئة يؤيدن الجمهوريين، في حين تتوزع أصوات الرجال بشكل متوازن بين 49 في المئة للجمهوريين و48 في المئة للديمقراطيين.

معارك صعبة

وفي مجلس الشيوخ، يتصارع الحزبان على 35 مقعداً من أصل 100، جُل هذه المقاعد يشغلها حاليا ديمقراطيون، بينما يوجد ثمانية أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ الحالي على أرض المعركة.

الأرقام الحالية في المجلس المكون من 100 عضو تميل لمصلحة الجمهوريين، الذين يستحوذون على 51 مقعداً مقابل 49 لنظرائهم.

للوهلة الأولى يظن البعض أن الديمقراطيين بحاجة إلى تحقيق انتصارين لقلب الأرقام، لكن الواقع مغاير، إذ إن عدداً لا بأس به من الديمقراطيين الحاليين في مجلس الشيوخ يخوضون معارك صعبة في ولاياتهم، التي أعطت ترامب انتصاراً كاسحاً في الانتخابات الرئاسية الماضية.

ويضع الحزب الجمهوري نصب أعينه الفوز بمقاعد نورث داكوتا، وميسوري، وإنديانا ووست فرجينيا، وبدرجة أقل مونتانا وفلوريدا، إذ تعطي نتائج ترامب الأخيرة دافعاً أكبر للمرشحين الجمهوريين من أجل التفاؤل بحسم المعارك لمصلحتهم.

ويُتوقع أن تكتب هذه الانتخابات نهاية مشوار سناتور "نورث داكوتا" هايدي هايتكامب في مجلس الشيوخ، باعتبارها الحلقة الأضعف بين المرشحين الديمقراطيين، وتعطي استطلاعات الرأي تقدماً كبيراً لمنافسها الجمهوري، النائب كيف كرامر.

أما في ميسوري، التي أعطت ترامب فوزاً بفارق 16 نقطة عن هيلاري كلينتون، فإن الديمقراطيين مرشحون لخسارة المقعد الذي تشغله حاليا كلير ماكاسكيل.

فرصة ديمقراطية

وتمثل أريزونا ونيفادا فرصة للديمقراطيين من أجل استعادة الروح، وانتزاع مقعد على الأقل في ولايتين يمثلهما الحزب الجمهوري في واشنطن.

وشهدت أريزونا منافسة بين النائبتين الجمهورية مارثا ماكسالي، والديمقراطية كيرستن سيمنما للظفر بمقعد جيف فلايك. أما في نيفادا فمن المتوقع أن يُعاني السناتور الجمهوري الحالي دين هيلر أمام النائب جاكي روزين، خصوصاً أن هذه الولاية انحازت إلى كلينتون في الانتخابات الرئاسية بفضل جهود الزعيم الديمقراطي السابق، هاري ريد.

أم المعارك

جون تيستر، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي الحالي عن مونتانا خاض معركة حياة أو موت في وجه مات روزينديل المدعوم بقوة من الحزب الجمهوري وترامب الأب والابن.

وتبقى معركة فلوريدا واحدة من أهم المعارك على صعيد مجلس الشيوخ والحكام في آن واحد، نظراً إلى انخراط ترامب والرئيس السابق باراك أوباما في المعركة. في هذه الولاية تنافس الحاكم السابق الجمهوري ريك سكوت مع السناتور الحالي الديمقراطي بيل نيلسون في سباق لا يزال يكتنفه الغموض بسبب الإمكانات الكبيرة التي ضُخّت من قبل الحزبين للفوز.

أما جو مانشين، فيُعدُّ ديمقراطياً بالاسم فقط، فسناتور ويست فرجينيا الحالي صوّت بنعم على مشاريع عدة للرئيس ترامب، رغم معارضة حزبه، وينطلق مانشين في حساباته من وجوده في ولاية أعطت الرئيس الحالي أكبر انتصار على مستوى البلاد بفارق وصل إلى اثنتين وأربعين نقطة.

حتى اللحظة الأخيرة، بدا أن سياسة تدوير الزوايا وعدم إغضاب الناخبين تسير بشكل سلس مع مانشين، الذي لا يزال يتقدم على منافسه باتريك موريساي، رغم زجّ ترامب بثقله لحسم المعركة، وتصريحات ميتش ماكونيل، الذي تحدث صراحة عن أن المطلوب هو نقل المقعد إلى صفوف الجمهوريين، رغم مواقف السناتور الديمقراطي المؤيدة لسياساتهم.

ويقاتل مايك براون رجل الأعمال المدعوم من ترامب بضراوة لحسم الأمور في ولاية إنديانا لمصلحته، وتجريد منافسه الديمقراطي جون دونيلي من منصبه، لا تختلف حال الأخير كثيراً عن زميله مانشين، فهو ليس بمعارض شرس للرئيس ترامب، ودفعته حساباته الانتخابية إلى حد موافقته على تصريحه الأخير حول منع المولودين الجدد من اكتساب الجنسية.

واختتم ترامب مهرجاناته الانتخابية في كايب جيراردو في ميزوري، حيث تباهى بأن "الأجندة السياسية الجمهورية هي الحلم الأميركي".

وفي وقت سابق، أعلنت وزارات ووكالات أمنية أميركية أنها لا تملك مؤشرات على أي محاولات لتعطيل البنية التحتية للعملية الانتخابية، لكنها طلبت من الأميركيين أن يكونوا يقظين إزاء المحاولات الروسية لنشر أخبار مضللة. وقال بيان مشترك لوزيرة الأمن الداخلي كيرستين نيلسن ووزير العدل جيف سشينز ومدير الاستخبارات الوطنية دان كوتس ومدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي "في هذا الوقت لا مؤشرات لدينا إلى تلاعب بالبنية التحتية للانتخابات في بلادنا بما يؤدي إلى إعاقة التصويت أو تغيير النتائج أو تعطيل القدرة على إحصاء الاصوات".