إهانة لا يجوز احتمالها!
إنها إساءة ما بعدها إساءة للشعب العراقي صاحب التاريخ الطويل العريق أن يقول قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري: إن ثلاثة مناصب أساسية في العراق، والمقصود رئيس الدولة ورئيس الوزراء ورئيس المجلس النيابي، أصبحت ضمن المعسكر الإيراني، وهذا يعني أن هذا البلد العربي العريق، بلاد النهرين، أصبح دولة تابعة وملحقة بإيران، فالقرار العراقي، إذا صح هذا التقدير، وأغلب الظن أنه صحيح، لم يعد في عاصمة الرشيد، وإنما هناك في طهران التي باتت تتباهى بالاستهزاء بالعرب وبالحضارة العربية وبالتاريخ العربي، ناسية أن النبي محمد - صلي الله عليه وسلم- عربي، وأن لغة القرآن الكريم هي اللغة العربية.بعد هذا التصريح المرعب الذي قذفه رجل إيران الأول، من حيث القوة واتخاذ القرارات الصعبة، في وجوه العراقيين، وبخاصة الرؤساء الثلاثة هؤلاء، كان يجب أن ينتفض العراق كله وأن يرد الاعتبار إلى هذا الجيل، وأيضاً إلى من أصبحوا تحت الثرى منذ عهود وسنوات بعيدة... الذين لا شك في أن بعضهم قد عاش تلك العصور الجميلة عندما لامست صرخة امرأة عربية، أهانها علوج ذلك الزمن البعيد، نخوة المعتصم فكانت جيوشه الزاحفة قد سبقت رجع صدى تلك النخوة العربية التاريخية.
هل يعقل يا ترى أن يسكت الذين يملأون هذه المواقع الثلاثة على هذه الإهانة التي وصلت إلى عظام رموز ذلك التاريخ العظيم لهذا البلد العظيم في قبورهم... والتي كان يجب الرد عليها بثورة كرامة واستعادة اعتبار "تَجُبُّ" أي وجود احتلالي للإيرانيين في بلد عظيم إنْ لم يثأر شعبه لكرامته فإن أجيالاً لاحقة ستخجل من أي انتماء إليه بهذه المرحلة التاريخية... التي وصل انحدارها إلى حد أن يقذف محمد علي جعفري هذا الذي قاله في وجوه الذين من المفترض أنهم رمز الكرامة العربية.وحقيقة فإنه زمن معيب بالفعل، ليس للعراقيين والسوريين فقط، بل لنا كلنا، أن يكون هناك كل هذا الصمت المخزي إزاء هذا الذي قذفه محمد علي جعفري في وجوهنا وإزاء أن يصول ويجول "عِلج" اسمه قاسم سليماني بين بغداد الرشيد ودمشق عاصمة الأمويين، وهو يمشي على رؤوس أصابع قدميه ويستمتع بنبش قبور رموز وقادة الدولة الأموية الذين تركوا لنا تاريخاً حضارياً مجيداً من واجبنا أن نحميه من كل هذه التطاولات الثأرية الهمجية.أنا على قناعة راسخة بأن العراقيين، الذين يتكئون على مسيرة عظيمة، وعلى تاريخ يبعث على المباهاة والاعتزاز، لن يسكتوا على هذه الإهانة وأنهم كلهم بمذهبيهم الرئيسيين وبقوميتهم الثانية قومية رئيس دولتهم سيُفهمون هذا الجعفري، الذي ليس له من اسمه نصيب، أن هذه الرئاسات عراقية وأنها ستبقى عراقية، ولن تكون أبداً في المعسكر الإيراني... بل في معسكر هارون الرشيد والمأمون، وفي معسكر جعفر الصادق... لا في معسكر روحاني وخامنئي!