شارك في الندوة التي نظمتها جامعة الجنان في طرابلس في المئوية الأولى لوفاة باحثة البادية ملك حفني ناصف، رجال فكر تناولوا الأثر الذي تركته هذه المرأة الرائدة في عصرها وفي العصور التي تلت.

بعد كلمة ترحيبية للدكتور هاشم الأيوبي (عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة) حثّ فيها طلاب الدراسات العليا في مرحلتي الماجستير والدكتوراه على دراسة شخصيات تاريخية ومعاصرة كان لها أثر في نواح كثيرة، ألقى د. أسعد النادري (مدير فرع جامعة الجنان في صيدا) كلمة وصف فيها باحثة البادية بأنها كانت شخصية رائدة وطليعية، تنتمي إلى رعيل من السيدات اللواتي يفخر بهنّ تاريخنا العربي الحديث، مؤكداً أن تكريم جامعة الجنان لشاعرة البادية هو تكريم للنساء اللواتي أدّين دوراً رائداً في عالمنا الحديث.

Ad

عصر متغيرات

في مداخلته في الندوة، اعتبر السفير خالد زيادة أن عصر ملك حفني شهد تغيرات خصوصاً مع الخديوي اسماعيل الذي بنى القاهرة الحديثة بقصورها وشوارعها، وأسس المدارس من بينها مدرسة للبنات عام 1873، وفي الوقت نفسه طلب الخديوي إلى الرائد رفاعة رافع الطهطاوي أن يكتب حول التربية، فكتب «المرشد الأمين في تربية البنات والبنين»، ومن المرجح أن ملك حفني قرأت هذا الكتاب الذي يدعو إلى تعليم البنات.

أضاف أن الحقبة التي ولدت فيها باحثة البادية شهدت انتشار صحف مستقلة، من بينها تلك التي أسسها لبنانيون، وكانت تنشر الثقافة عبر مقالات في الأدب والمجتمع والتعريف بالمفاهيم الحديثة، ولعل هذه الصحف أدت دوراً في تربية ملك حفني وتثقيفها، وهي ابنة أحد إداريي الدولة المصرية أسهم في تأسيس جامعة القاهرة عام 1908.

بدورها أوضحت الدكتورة وفاء أفيوني الشعراني (رئيسة قسم الفلسفة في الجامعة اللبنانية سابقاً، ومتخصصة في الفلسفة الإسلامية) أن ملك حفني ناصيف وضعت العقيدة جانباً والواقع الاجتماعي للمرأة المصرية جانباً آخر، وحاولت أن تذهب مباشرة إلى واقعها الاجتماعي الذي لا دخل له بالعقيدة.

دفاع عن حقوق المرأة

شرحت الناشطة الاجتماعية الدكتورة سهام كامل ونوس دور ملك حفني في الدعوة إلى التعليم والعمل والحقوق السياسية للمرأة، ووصاياها للمرأة العربية، وعددت أهم الكتّاب الذين تحدثوا عنها من بينهم مي زيادة التي أعجبت بمقالات ملك حفني وحرصت على حضور المحاضرات التي كانت تنظمها الجمعيات النسائية من أجل تطوير المرأة العربية.

بدورها تناولت د. عايدة كبارة (أستاذة محاضرة في قسم الشريعة في جامعة الجنان) البيئة التي نشأت فيها ملك حفني وتكريس نفسها للدفاع عن حقوق المرأة وإصلاح وضعها الأسري، متسلحة بمنطق إسلامي ميّزها عن غيرها من دعاة المرأة في ذلك العصر.

أضافت أن ملك حفني تتلمذت على يد الشاعر خليل مطران وأن تشارلز آدامز كتب عنها في كتابه «الإسلام والتجديد في مصر»: «أؤكد لك أنها سارت على نهج الإمام الشيخ محمد عبده في التوفيق بين المدنية الغربية والعلم الغربي وبين الحياة الاجتماعية والدينية والأدبية في مصر».

كذلك عددت كبارة الإنجازات التي حققتها ملك حفني من ناحيتي التغيير وإصلاح المجتمع من خلال العلم والتربية، انطلاقاً من الشرع الإسلامي حتى أنها دعت إلى اتباع الشريعة في الخطبة والزواج.

تقوية الفضائل

أكد د. جان توما (أستاذ في الجامعة اللبنانية) في مداخلته أن ملك حفني ناصف أرادت من خلال كتابها «النسائيات» أن تشارك الذكر في وعيها الاجتماعي حين كتبت: «فهو مذكر لهنّ»، لافتاً إلى أن «في استعمالها المفردة «المذكر» توضح حفني بعفوية ما سيأتي به مسرى الفكر الإزائي الجندري». أضاف: «هي مصرة على أنها لا تدّعي فيه ابتداعاً ولا إبداعاً بل لما فيه إعلاء شأننا وتقوية الفضائل في أخلاق هذه الأمة بحسن القيام على تربية أبنائنا».

شرح توما مسيرة باحثة البادية وفق ما رسمت مي زيادة من خارطة فكرية تقوم على السمات التالية: المرأة، المسلمة، المصرية، الكاتبة، الناقدة، المصلحة.