عندما تصل الأمور إلى حدها النهائي، تكفيها قطرة واحدة حتى تفيض وتخرج عن السيطرة، هذا الوضع ليس بالجديد في حياتنا، هناك من يصمت عن وضع معين حتى يحين الوقت فينفجر، وهناك من العمائر والسفن ما تحمل فوق طاقتها وتتحمل لوقت طويل، ثم في لحظة تنهار إلى الأسفل بلا رحمة.البنية التحية أقل رحمة من البيئة التي تصبر على الإنسان حتى تغضب عليه وعلى أحفاده، لأنها جماد لا يعرف المشاعر ويعمل بقدر ما جهز له في علاقة طردية لا مجال للتخمين فيها، صناعة متينة وصيانة جادة تعطي خدمة متينة وعمرا أطول، صناعة رديئة وصيانة على البركة لن ينجم عنها غير الكوارث.
هذه هي حالنا مع موسم المطر كل عام، جافا كان أم مطيراً، تصريحات مليئة بالغرور وواقع سرعان ما ينكشف، الناس تصلي لنزول المطر وبعض المسؤولين يسيرون بالعكس طلبا للستر ومرور الوقت بأي طريقة حتى نعود إلى دورة الجفاف الطويلة، وضع لا يخرج عن النهج العام في الإدارة العامة، تصريحات تبشر بأشياء غير، وتقاذف للمسؤولية عندما تقع الواقعة، الشيء المبشر هذا العام هو الإجراءات غير المسبوقة في محاسبة "المصرحين" وآخرها في وزارة التربية وهيئة الطرق. الآن نحن بحاجة إلى تعميم هذا النهج الجديد في كل الاتجاهات لأن التدهور في أحوالنا يسير أيضا في كل الاتجاهات، نريده حقا حتى نتأكد أن ما حصل لم يكن طفرة وذهبت إلى حالها، نريد هذا النهج في المحاسبة حتى يقل عدد المنضمين إلى معسكر اليأس، ويزيد عدد المتفائلين بأن القادم أجمل.قد نكون تأخرنا وبالفعل نحن كذلك، ولكن علينا أن نتعظ من غيرنا ومن أنفسنا أحيانا، فعندما قررنا النهوض تملكتنا روح التحدي لنصل إلى أعلى المراتب، ومن كانوا متأخرين لم يفقدوا الأمل في تجاوز ما تجاوزناه، ففعلوا كما فعلنا، وهم الآن يتقدمون علينا في عالم لا مكان فيه للمتكاسلين والمتهاونين في معايير التقدم والكفاءة.
أخر كلام
الأغلبية الصامتة: محاسبة المصرحين
08-11-2018