أخذت الدولة اللبنانية المبادرة، أمس، مستعيدة بعضا من هيبتها بعد قرار أصحاب المولدات الكهربائية، أمس الأول، قطع الإمداد بالتيار الكهربائي لساعتين متواصلتين عمدا عن والأحياء والبلدات والمدن اللبنانية، حارمين بذلك المواطنين اللبنانيين والمقيمين على أرض لبنان خدمة الكهرباء التي اشتركوا بها، الذين اضطروا إلى الاستعانة بـ «الشموع» لإنارة منازلهم طوال الليل.وتحركت الأجهزة الأمنية والقضائية باتجاه «المخلين بأمن المواطن»، بعد توجيه وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي، كتابا إلى النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود طلب فيه «إجراء التعقبات بشأن أصحاب المولدات الكهربائية المؤتمرين والمشاركين بقطع الإمداد بالتيار الكهربائي، واتخاذ الإجراءات اللازمة بالسرعة القصوى الممكنة، تمهيدا للحكم بأقسى العقوبات على جميع الفاعلين والمتورطين في هذا الإجرام العمدي».
وأوضح جريصاتي أن «القضاء تحرك بما خصّ موضوع المولدات، لأن ما حصل أمس الثلاثاء (أمس الأول) غير مقبول، ويُعتبر جريمة موصوفة». وقال في مؤتمر صحافي مع وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال رائد خوري: «القضاء تحرك تجاه التمرد الذي حصل أمس من أصحاب المولدات الخاصة، والملاحقة القانونية ستكون وفق مواد جرمية»، لافتا إلى أن «النائب العام التمييزي باشر بالاستنابات اللازمة، وطلبت اتخاذ الإجراءات بالمشاركين والمحرّضين الذين قطعوا عن المواطنين الكهرباء».وأضاف: «الدولة أقوى من الجميع في هذا العهد، وفي حكومة استعادة الثقة وهيبة الدولة لا تُضرب، وقراراتها لا تُضرب، وستشهدون ملاحقة قضائية أكثر وأكثر».وتوّجه جريصاتي لأصحاب المولدات الذين لم يمتثلوا بعد بالقول: «لا تعتقدوا أننا سنكتفي بالعقوبة، بل سنقوم بخطوات تصعيدية قد تصل الى مصادرة المولدات، وفق القانون».وتنفيذا لكتاب جريصاتي أوقفت المديرية العامة لأمن الدولة صاحب أحد المولدات الكهربائية في قضاء بعبدا، ويدعى عبدو سعادة، احترازيا مدة 24 ساعة على ذمة التحقيق، على أن تطول مذكرات التوقيف عددا من المشاركين في قطع الكهرباء. وقالت مصادر متابعة إن «القوى الأمنية، وعلى رأسها الجيش، ستتحرك لمصادرة المولدات في حال تم إطفاؤها مجددا»، مشيرة إلى أن «محركي خطوات أصحاب المولدات وداعميهم هم متمولون كبار وأصحاب مولدات ايضاً مراكزهم في ساحل المتن الشمالي والضاحية الجنوبية والشياح». وختمت: «الأجهزة الأمنية والقضائية تقوم بالاستقصاءات اللازمة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم».ويأتي الإشكال بين «الدولة» وأصحاب المولدات على خلفية تحديد تسعيرة الكيلووات/ ساعة. ففي وقت حددت وزارة الطاقة والمياه الطاقة السعر بـ 300 ليرة للكيلووات، ومن ثم رفعته الى 410 ليرات، طالب أصحاب المولدات أن يحدد السعر بـ 560 ليرة، وهو ما لم توافق عليه الوزارة عادلة، مما أدى إلى اعتراض أصحاب المولدات، معتبرين أنهم لن يقبلوا «العمل بالخسارة».في موازاة ذلك، لا يزال الجمود القاتل يضرب مفاوضات التأليف، معيدا الأمور إلى مربعها الأول. فبعد مرور أسبوع كامل على المواقف التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال في الذكرى الثانية لانتخابه، إزاء العقدة السنيّة، حيث لم يتوان عن الإعراب عن رفضه لتوزير أي منهم، قال النائب عبدالرحيم مراد بعد اجتماع نواب «اللقاء التشاوري» في دارته، أمس، إن «من يضع العراقيل أمام التشكيل هو الرئيس المكلف، ومن يدعمه بمطالبه المغرضة». وإذ دعا الى «احترام التعددية داخل الطائفة السنية» أكد أن «مطلب تمثيلنا في الحكومة ليس جديدا، ولكن المستجد هو موقف الآخرين الذين اعتبروا أنهم يمكنهم أن يتجاوزوا مطلبنا بالتمثيل».وأسف مراد «لاستخدام مرجعيات دينية في ملف التشكيل»، مشيرا الى أن «اختيار أي عضو من اللقاء لتمثيلنا في الحكومة أمر مقبول». في السياق، دعا المطارنة الموارنة بعد اجتماعهم الشهري في بكركي، أمس، برئاسة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، إلى «إزالة العراقيل الطارئة من أمام إعلان الحكومة الجديدة، بروح المسؤولية والضمير الوطني والأخلاقي، فتكون هدية عيد الاستقلال الذي يفصلنا عنه أسبوعان، فلا يأتي حزينا ومخيبا».
دوليات
لبنان: «الدولة» تستعيد هيبتها بعد «ليلة الشموع»
08-11-2018