الكويت: الإعتراف بالبيئة بإعتبارها ضحية للحروب والنزاعات المسلحة

في مبادرة تعد الأولى من نوعها لمجلس الامن تأتي من قبل الكويت

نشر في 08-11-2018 | 10:29
آخر تحديث 08-11-2018 | 10:29
No Image Caption
أكدت الكويت أن حماية البيئة مسؤولية تقع على عاتق الجميع ليس فقط في أوقات السلام بل حتى خلال الحروب والنزاعات المسلحة اذ يتعين على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومجلس الامن ألا تغفل هذا الأمر رغم وجود وجهات نظر متباينة حول مدى ارتباط البيئة بصيانة السلم والأمن الدوليين.

جاء ذلك في كلمة الكويت التي ألقاها المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي في اجتماع مجلس الأمن بصيغة آريا حول «حماية البيئة اثناء النزاعات المسلحة» الذي نظمته الكويت وقامت برعايته ألمانيا مساء أمس الأربعاء.

وقال العتيبي الذي ترأس الاجتماع «تأتي مبادرة دولة الكويت لعقد هذا الاجتماع والذي يعد الأول من نوعه لمجلس الأمن حول تأثير النزاعات المسلحة على البيئة انطلاقاً من حرصها على تسليط الضوء على التداعيات الكارثية التي قد تنجم عن الأضرار بالبيئة واستغلالها في الحروب والنزاعات المسلحة».

وأضاف أن المجتمع الدولي احتفل يوم أمس السادس من نوفمبر باليوم العالمي لمنع استغلال البيئة في الحروب والنزاعات المسلحة والذي يتم احياؤه في هذا اليوم من كل عام بموجب قرار الجمعية العامة المقدم من قبل دولة الكويت في 2001.

وأوضح العتيبي أن اعتماد هذا القرار كان خطوة هامة اتخذتها الدول الأعضاء في الاعتراف بالبيئة باعتبارها ضحية للحروب والنزاعات المسلحة والاحتفال بهذا اليوم العالمي هو بمثابة تذكير سنوي بالتزام الأمم المتحدة بحماية البيئة باعتبارها ركيزة أساسية للسلام والأمن والتنمية المستدامة.

وقال «بالنسبة لدولة الكويت شهد يوم أمس مناسبة هامة ذكراها عالقة في ذاكرة الكويتيين فهو اليوم الذي استطاعت فيه دولة الكويت وبمساعي أبنائها المخلصين ودعم من الحلفاء والشركاء أن تطفئ آخر بئر نفط تم اشعالها من قبل الجيش العراقي المتقهقر وذلك في السادس من نوفمبر عام 1991 بعد غزو واحتلال من قبل العراق دام سبعة أشهر».

وذكر العتيبي أنه عندما أيقن نظام صدام حسين أن دولة الكويت ستتحرر من هذا الاحتلال الغاشم بناء على قرارات شرعية صادرة من مجلس الأمن وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة قام الجيش العراقي المنسحب بإحراق ما يقارب 700 بئر نفطية مما أدى إلى إحدى أسوأ الكوارث البيئية من صنع البشر شهدها العالم في القرن العشرين.

وبين أنه خلال تلك الكارثة تحول نهار دولة الكويت إلى ظلام دامس وتدفقت سموم حرائق النفط عبر الرياح إلى الدول المجاورة واستمرت آثارها الضارة على البيئة والإنسان سنوات طويلة.

وأفاد العتيبي أنه حين يستعرض المجتمع الدولي حجم الخسائر الناجمة عن الحروب والنزاعات المسلحة يتوقف عند حجم الخسائر البشرية وأضرار البنية التحتية بما في ذلك المدارس والمستشفيات والطرق والصرف الصحي ويغفل الوقوف على حجم الأضرار المباشرة وغير المباشرة لهذه النزاعات على البيئة.

وأشار إلى أن تلك الأضرار باقية ومستمرة فترات ممتدة من الزمن حتى بعد انتهاء الصراع فالجرائم البشرية المرتكبة بحق البيئة تبقى عبر التاريخ ضحية صامتة لتلك الحروب والنزاعات المسلحة عواقبها إيكولوجية وسياسية واقتصادية خطيرة وطويلة الأجل داخل حدود النزاع ومحيطه المباشر.

وأكد العتيبي أن عدم معالجة هذه الأضرار بصورة فورية وجادة يجعلها تشكل تهديداً مباشراً وجاداً على السلم والأمن الإقليمي والدولي وعائقاً أمام تحقيق التنمية المستدامة.

ولفت إلى أن هناك أمثلة عديدة لاستخدام البيئة في النزاعات المسلحة القريب منها والبعيد، قائلاً «على سبيل المثال وليس الحصر تناقش الجمعية العامة حالياً الآثار الكارثية على شواطئ الشقيقة لبنان جراء استهداف القوات الإسرائيلية لخزانات النفط اللبنانية في عام 2006 وفي اليمن شهدنا تهديد جماعة الحوثي لأمن الملاحة البحرية في باب المندب والبحر الأحمر».

وتابع العتيبي قائلاً «أن هذا يعد من أهم الممرات المائية في العالم وفي العراق شهدنا تجفيف قوات نظام صدام حسين للأهوار ما بين نهري الفرات والدجلة في أوائل التسعينيات وهو اكبر نظام ايكولوجي للأراضي الرطبة في الشرق الأوسط مما أدى إلى تقليص حجمها إلى أقل من نسبة 10 في المئة من نطاقها الأصلي وتحويلها إلى صحراء قاحلة ذات قشور ملح».

وأوضح أنه في أجزاء أخرى من العالم مثل أفغانستان وكولومبيا أدت عقود من الحروب إلى خسارة هائلة في الموارد الطبيعية فيما شهدت دول اخرى أيضاً فقدان التنوع البيولوجي المهم بما في ذلك جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان.

وأشار إلى أنه من الجانب القانوني يحتوي الاطار القانوني الدولي الحالي على العديد من الأحكام التي تحمي البيئة بشكل مباشر وغير مباشر وتحكم استخدام الموارد الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة لكن من الناحية العملية فإن هذه الاحكام إما لا تنفذ على نحو فعّال أو لا تنفذ على الاطلاق.

وأكد العتيبي أن الأمر يتطلب النظر بجدية في طرق منع ومعالجة وضمان المساءلة في الحالات التي يتأثر بها الأثر البيئي نتيجة للحروب أو النزاعات المسلحة.

وشدد على أنه من الضروري أيضاً النظر في دمج قضايا الموارد الطبيعية والبيئية في عمليات تقييم وتخطيط النزاعات كجزء من تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 بالإضافة إلى تطوير آليات افضل لرصد وجمع وتبادل وتقييم المعلومات حول الكوارث البيئية المحتملة وبناء القدرات من أجل نشر هذه الآليات.

وقال العتيبي «بالنسبة للأضرار البيئية التي تعرضت لها دولة الكويت خلال الاحتلال العراقي نجح مجلس الأمن في اقرار التعويض عن تلك الجرائم المرتكبة في حق البيئة للكويت ودول أخرى من خلال انشاء لجنة الأمم المتحدة للتعويضات بموجب قرار المجلس رقم 687 والتي قيمت وقدمت التعويض عن تلك الأضرار التي لحقت بالكويت وسائر الدول الأخرى وهي تعمل حتى يومنا هذا».

وأوضح أن الكويت كعضو في مجلس الأمن ستقوم بإيلاء الاهتمام اللازم حيال الأضرار التي تستهدف البيئة خلال الحروب والنزاعات المسلحة في المخرجات الصادرة عن المجلس وستدرس السبل الكفيلة بحماية البيئة في بؤر الصراع بالتعاون مع أعضاء المجلس وعمليات حفظ السلام المعنية.

وذكر العتيبي أن «البيئة والنزاعات المسلحة مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً وعندما يتم استغلال البيئة كسلاح للحرب كما حصل في الكويت فهذا دليل قاطع وتجسيد لهذا الارتباط الذي نتحدث عنه وغايتنا من دعوتنا لعقد هذا الاجتماع اليوم».

وأضاف «جميعنا نعمل يومياً بلا كلل لإيجاد حلول للأزمات التي لا تعد ولا تحصى في جميع أنحاء العالم سواء كان ذلك من خلال تقديم المساعدات الإنسانية أو عمليات حفظ السلام أو بناء السلام أو ضمان الانتعاش بعد انتهاء الصراعات في البلدان التي دمرتها الحروب وعدم الاستقرار».

وفي سياق متصل أشاد كل من الأمين العام المساعد ورئيس مكتب نيويورك في برنامج الأمم المتحدة للبيئة ساتيا تريباثي ومدير البرامج الدولية في معهد القانون البيئي مؤسس جمعية بناء السلام البيئي كارل بروش في كلمتيهما خلال الاجتماع بعقد وفد الكويت الدائم لهذا الاجتماع الهام إذ تعتبر هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تنظيم حدث جانبي لمجلس الأمن لمناقشة البعد البيئي وعلاقته بالحروب والنزاعات.

ودعوا جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى حماية البيئة في النزاعات المسلحة مستذكرين الكارثة البيئية التي تعرضت لها الكويت عندما احرقت قوات الاحتلال العراقي في عام 1991 المئات من آبار النفط الكويتية وما ترتب عليها من آثار بيئية كارثية.

back to top