في خطوة ذات دلالات في لبنان، بات حزب الله، الذي يمثل عملياً الطائفة الشيعية، في عزلة من باقي الطوائف، بعد أن انضم الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، الأكثر تمثيلا في طائفته، إلى رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يمثل أرفع منصب مسيحي في الدولة، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الأكثر تمثيلا لدى الطائفة السنية، في رفض توزير سنة المعارضة على حساب الحريري، وشن هجوماً لاذعاً على "حزب الله وإيران، وحملهما مسؤولية تعطيل ولادة الحكومة عبر إثارة "العقدة السنية".وانشغلت الساحة السياسية اللبنانية، أمس، بالتصريحات "النارية" لجنبلاط، الذي اعتبر أنّ "عرقلة تشكيل الحكومة من باب افتعال العقدة السنية تأتي في إطار رد فعل إيران وحزب الله على العقوبات الاميركية الاخيرة".
وأضاف، في حديث إلى صحيفة "الجمهورية" نشر أمس: "ايران تعاقبنا من خلال التأخير في الافراج عن الحكومة، في إطار المواجهة مع الولايات المتحدة، وأخشى ما أخشاه هو أن يؤدي استمرار الازمة الحالية الى تدهور الليرة وخراب اقتصادي، لأنه ليس بسيطاً ان يكون حجم الدين المُترتّب على دولة صغيرة كلبنان قد أصبح يلامس الـ100 مليار دولار".وتساءل: "هل يظنّ حزب الله أن الانهيار الاقتصادي، إذا حصل، ستتوقف مفاعيله عند حدود الضاحية الجنوبية ولن تتأثر به بيئته الشعبية؟ الجميع سيدفع الثمن. لسنا أفضل من اليونان. وفي هذه المناسبة أشيد بالجهود الجبّارة التي يبذلها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة".ورفض جنبلاط بشدة منح مقعد وزاري لمجموعة النواب السنّة من خارج تيار "المستقبل"، لافتاً الى انه يختلف مع الحزب في هذا الشأن، متسائلاً: "هل المطلوب أن يكون هناك تمثيل وزاري للواء علي المملوك في الحكومة اللبنانية، لاسيما انه يوجد بين هؤلاء النواب من هو مُقرّب جداً الى المملوك الذي صدرت بحقه أخيراً مذكرة توقيف فرنسية؟".وأشار الى انه كان يفضّل أساساً عدم منح "وزارة الصحة الحسّاسة الى حزب الله، الذي يواجه مشكلات مع المجتمع الدولي، مُحبّذاً لو تَولّتها شخصية حيادية، أما وأنّ حزب الله أصَرّ على نيلها، فما أخاف منه هو ان يتسّبب ذلك في دفع الاميركيين الى فرض عقوبات إضافية على وزارة الصحة".وتابع: "على رغم مخاوفنا من التداعيات المحتملة لتسلام الحزب حقيبة الصحة، سكتنا عن الأمر وقبلنا به، وافترضنا أننا أصبحنا على مشارف ولادة الحكومة، لنفاجَأ بخروج جِن النواب المستقلين من الفانوس السحري، وصادَف هذه المرة انه سنّي".وأضاف جنبلاط، أن «العقوبات الأميركية على حزب الله ستشمل أفراداً أبرياء ومؤسسات بريئة، ونحن نعارضها، وإذا كان البعض يعتقد أن مجيء جون بولتون، مسؤول الأمن القومي، هو مزحة فهو غير مدرك لخطورة الأمر».
النواب السنة
إلى ذلك، لم تشهد الساحة الداخلية، أمس، أي اتصالات حكومية ظاهرة، إلا زيارة كتلة "اللقاء التشاوري"، الذي يضم النواب السنة الستة المستقلين إلى الرئيس عون، في بعبدا.وقالت مصادر "اللقاء التشاوري": "سنشرح إلى فخامة الرئيس وجهة نظرنا، والحل الوحيد بالنسبة إلينا أن يتم اختيار وزير من النواب الستة"، مضيفة: "سنبلغ الرئيس عون موقفنا من ضرورة توزير أحد النواب الستة، لكننا مستعدون لسماع وجهة نظره بالموضوع أيضاً". كما علم أن "اللقاء" سيزور بكركي قريبا للقاء البطريرك الراعي لشرح موقفهم من مسألة مشاركتهم في الحكومة. وستكون بكركي محطة ضمن جولة يعتزم اعضاء اللقاء القيام بها في اتّجاه مرجعيات روحية اخرى لوضعهم في حقيقة مطالبتهم بالمشاركة في الحكومة.السنّة المستقلون
وقال النائب عبدالرحيم مراد بعد اللقاء: «نحن نمثل ستة نواب وحصلنا على 30 في المئة من أصوات السنة، وعندما يقول الرئيس المكلف لن أسمي أحداً من خارج تيار المستقبل فهذا يتعارض مع ما تم العمل عليه سابقاً»، مضيفاً: «الرئيس عون دعا إلى التعاطي بهدوء ونحن نحاول أن نوضح وجهة نظرنا لكل القوى التي نلتقيها». وأشار إلى «أننا طرحنا حلّا يقضي بأن يتمثّل أحد من النواب الستّة، ولا حل آخر غيره والمخرج يجب أن يكون عند الرئيس الحريري»، متمنياً «أن تتشكل حكومة بأقرب وقت ممكن ولا يجوز أن نكون الضحية والرئيس وعد خيراً».