في تقرير صدر في أكتوبر الماضي، يستعرض ديوان المحاسبة رأيه حول جدوى الاقتراض الحكومي لسد عجز الموازنة، ويغطي الفترة حتى 30/06/2018.

وخلص الديوان، في رده على جهة التكليف، أي مجلس الأمة، إلى رأي قاطع وصحيح؛ فهو لا يعتقد بجدوى التسامح مع التوسع في رفع سقف الاقتراض الحكومي، مع فقدان شرطين أساس له، الأول هو الشرط المالي، أي انخفاض تكاليف الاقتراض إلى ما دون العائد على الأصول السائلة ضمن الاحتياطي العام، والثاني اقتصادي، وهو أن استخدام حصيلة الاقتراض في إنفاق بعائد اقتصادي -نمو أو فرص عمل مواطنة أو خلق وعاء ضريبي... إلخ- يبرر النزوع إلى الاقتراض.

Ad

وحسب ما جاء في التقرير الأسبوعي الصادر عن شركة الشال للاستشارات، يذكر تقرير الديوان أن حجم الدين العام بلغ في 30/06/2018 نحو 6.4 مليارات دينار، وارتفعت نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي من 4% للسنة المالية 2014/2015، إلى 16.4% بحلول 30/06/2018. وفي السنة المالية 2014/2015، كان كل الدين العام محليا، وبلغ حجمه نحو 1.6 مليار دينار، وارتفع الشق المحلي إلى 3.99 مليارات دينار في 30/06/2018، وبحدود 62% من إجمالي الدين العام، وشاركه دين أجنبي بنحو 2.44 مليار دينار، أي بنسبة 38% من إجمالي الدين العام.

ولم تتم الموافقة على قانون جديد يرفع سقف الاقتراض للحكومة إلى 25 مليار دينار، ومداه الزمني إلى 30 عاما، وتقرير ديوان المحاسبة كما ذكرنا لا يؤيد منح الترخيص بالاقتراض للحكومة، ما لم تستوف شرطي المبرر المالي والمبرر الاقتصادي. وحجة الحكومة الوحيدة في طلب الترخيص بالاقتراض هي التخويف من نفاذ سيولة الاحتياطي العام، ولكنها لم تقدم حجة واحدة لتبرير اعتقادها بأن خطورة نفاد ذلك الجزء السائل من الاحتياطي العام، أعلى من خطورة تضخم أرقام الدين العام.

وعن المبرر المالي، قدم ديوان المحاسبة رأياً قاطعاً حول ضعف الأداء المالي للشق السائل من الاحتياطي العام، حيث قدر حجم الاحتياطي العام، كما في 30/06/2018، بنحو 24.3 مليار دينار، ضمنه أصول سائلة بنحو 11.63 مليار دينار، حققت معدل عائد بنحو 2.4% للسنة المالية 2017/2018، وحققت معدل عائد -0.3% للأشهر الثلاثة أبريل- يونيو 2018. وبلغ المتوسط الحسابي البسيط للعائد على أصول الاحتياطي العام السائلة للسنوات المالية الخمس الفائتة، 2013/2014 إلى 2017/2018، نحو 1.7%، وأياً كانت تكلفة الاقتراض، محليا أو أجنبيا، فلابد أن تفوق ذلك العائد، من دون احتساب احتمال زيادة أسعار الفوائد، وعليه يسقط المبرر المالي لجدوى الاقتراض.

والمبرر الاقتصادي ساقط أصلاً، فالإنفاق العام في معظمه جائر، ومن دون علاقة بالإنتاجية، وفيه الكثير من الهدر والفساد، وتقارير ديوان المحاسبة والجهات الأخرى مليئة بمساوئه. والتقرير يذكر بأن جهود الإصلاح تبخرت مع أول زيادة لأسعار النفط، ومن دون أي ربط بين الإنفاق وردم فجوات الاقتصاد الهيكلية الأربع، والواقع أنه عاد إلى توسعة تلك الفجوات. وإن اجتمع عاملا الارتفاع في أسعار النفط والتوسع في الاقتراض، فما سوف يحدث هو تماماً ما حدث حتى عام 2013، أي تقويض فرص استدامة المالية العامة وفرص استدامة الاقتصاد، وهما حالياً فرصتان ضئيلتان.

وقال "الشال": يستحق ديوان المحاسبة كل الشكر على أمانته، والمؤكد أن العاملين فيه يعرفون بأن للموقف تكاليف هم يدفعونها، وذلك مقدر.