من ناحية يمكن اعتبار كمية الأمطار الكثيرة، التي سقطت وخربت الشوارع وسيارات الأفراد، وأدت إلى وفاة البعض، على أنها حالة استثنائية، وبحكم القوة القاهرة، كما يقول القانونيون، وبهذا يمكن للحكومة أن تدرأ عن نفسها عبء تحمل مسؤولية الدمار الذي حدث، فذلك لم يكن غير متوقع، ولا يمكن دفعه وتجنبه، ومهما كانت درجة "الاستعداد" لدى وزارة الأشغال وقسم الطرق، كان من المستحيل تجنب الضرر، فما حدث لم يكن بالحسبان!من ناحية أخرى، لو افترضنا صحة تلك الحالة الاستثنائية أو القوة القاهرة التي عجزت عن تحملها مجاري تصريف المياه، فهل هذا يعني منح صك براءة للحكومة وإدارتها؟! ألم يكن من الممكن تخفيف حجم آثار الدمار "لو" كانت إدارة المجاري والشوارع جيدة وبحكم المعقول؟ بمعنى أنه "لو" أن الشركات والمؤسسات التي نفذت عملها كانت تقوم بعملها حسب الأصول وتحت رقابة صارمة من إدارة الأشغال، هل كان من المتصور أن يحدث ما حدث بهذا الحجم الكبير؟!
لسنا بحاجة إلى إعمال عقولنا كثيراً في تحديد المسؤولية ودرجة الخمال في تنفيذ المشروعات العامة من استاد جابر "سابقاً"، وإلى مأساة اليوم في سنة "الهدامة" الجديدة، إلى رداءة وغياب روح المسؤولية دون حدود، هناك إهمال وقصور رغم كل ما يمكن ترويجه عن القوة القاهرة والحالة الاستثنائية، هي حالة فساد كاملة الدسم، ولا جدوى أن تقدم الحكومة أكباش فداء لتظهر جديتها وعينها "الحمرا" على سوء الإدارة، وتخرج علينا فجأة بصورة البطل حين صحا من غفوته ليعيد الأمور إلى نصابها، ولا حاجة لكي يقدم وزير الأشغال استقالته، فليس هو أسوأ ولا أفضل من الذين سبقوه - بصورة مجملة - ولن يأتي آخر يقلب طاولة الإدارة رأساً على عقب، ففي النهاية كل الواعين يدركون كيف ينتقى الوزراء، وكيف يبقى بعضهم في أعماله مهما حدث، وكيف يزاح المخلص منهم لأي سبب. هو فساد لا أكثر ولا أقل، عدد من المغردين لاحظوا أن المناطق القديمة لم تتأثر كثيراً مثل مناطق السكن الجديدة في الجنوب، التي دفع أهلها غالياً بسبب سيول الأمطار، وهم في العادة حظوظهم من الاهتمام الحكومي أقل من غيرهم، السبب هو تنامي غول الفساد، فمقاول الأمس والرقابة المشرفة عليه هو غير مقاول ومشرف اليوم، فالأمور تسير من سيئ إلى أسوأ، من إدارة سياسية إلى إدارة مجاري طرق، ختاماً لا جدوى من الكلام عن ضرورة استقالة الحكومة، ولو افترضنا أنها ستستقيل لامتصاص النقمة الشعبية فمن سيأتي بالحكومة الجديدة...؟! ستعود الشخصيات ذواتها ولكن بأسماء مختلفة، وبجوهر واحد... فكل القادمين ستكون أسماؤهم "سيفوه" في النهاية، مهما تغيرت أشكالهم وصورهم.
أخر كلام
لا تحاولوا هو «سيفوه»!
11-11-2018