56 عاماً بلا ملامح
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
في ذلك المناخ ظهر الدستور الذي كان حامياً لحمى الوطن، وقيمه، الحامية لحرياته، وعدالته، يقول الشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، إن سبب صدور الدستور "رغبة في استكمال أسباب الحكم الديمقراطي لوطننا العزيز..."، كما قال عبداللطيف ثنيان الغانم، رئيس المجلس التأسيسي، رحمه الله، "إنه لشرف كبير أن نتقدم إلى سموكم في هذا اليوم التاريخي، نيابة عن المجلس التأسيسي، بمشروع الدستور الذي رأيتم وضعه للبلاد على أساس المبادئ الديمقراطية المستوحاة من واقع الكويت"، كما تنص المادة السادسة من الدستور على أن "نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً".في الرؤية التدرجية للأشياء كان ذلك إنجازاً تاريخياً. وليس هناك أكثر دلالة على ذلك من أن يكون رئيس المجلس التأسيسي هو عبداللطيف ثنيان، الذي كان قبل نحو 24 سنة من صدور الدستور مسجوناً لأربع سنوات ونصف، على خلفية أحداث المجلس التشريعي 1938 ، وأمير الكويت هو عبدالله السالم الذي كان رئيساً للمجلس التشريعي ذاته. لابد أنها دلالة قوية تلك التي جعلت من ذلك المعارض بعد 17 عاماً من خروجه من السجن يقف كالرجل الثاني في الدولة، ليقدم مشروع الدستور للأمير، الذي كان رئيساً لذلك المجلس. وقف الرجلان، السجين السابق ورئيس المجلس السابق، بصفتين مختلفتين هذه المرة، ليدشنا الدستور، ليحاولا مرة أخرى. وليردا على مزاعم أن الدستور كان مفروضاً من الخارج. ذلك المنظر المثير للاستغراب، الذي كان مدعاة للتفاؤل والأمل، لم يعد عاكساً لما جرى منذ إقرار الدستور حتى يومنا هذا.56 عاماً مضت على الدستور والإعلان بالتمسك بالديمقراطية، فأين نحن وأين الديمقراطية؟ هي بطة عرجاء في أحسن الأحوال، وعصفور يحتضر في أسوأ الأحوال، نسمع عن الديمقراطية ولا نرى إلا سراباً.