استشرف سياسيون وخبراء خريطة موازين القوى العالمية المستقبلية، وسط التحولات الاقتصادية والسياسية المتسارعة، وما يشهده العالم من تبلور شكل جديد للعولمة بدأ يمثل توجهاً سائداً، يقوم على زيادة النمو في عولمة السلع والخدمات الرقمية مقابل تراجع حركة التجارة والمال بصورتها التقليدية.جاء ذلك، ضمن فعاليات الدورة الثالثة لمجالس المستقبل العالمية المنعقدة في دبي، إذ ركزت 4 مجالس من أصل 38 مجلساً تجتمع لبحث وتشكيل ملامح المستقبل، على التغييرات المتوقعة خلال السنوات المقبلة في كل من القارة الأوروبية وروسيا وشبه الجزيرة الكورية ومنطقة الشرق الأوسط، مع ما تشكل من معطيات وتطورات خلال الفترة الأخيرة على أكثر من صعيد.
وأكد المجتمعون أن التغيرات المتسارعة على مراكز النمو الاقتصادي العالمي، دفعت باتجاه تحول مناطق النفوذ الاقتصادي والسياسي تدريجياً بعيداً عن مراكز القوة التقليدية إلى مناطق جديدة مثل الهند والصين وإفريقيا وجنوب شرق آسيا، وما زالت تدفع باتجاه التغيير على تركيبة النظام العالمي إلى نموذج عالمي متعدد القوى.
قارة أوروبا
واستشرف مجلس مستقبل قارة أوروبا إمكانيات هذه المنطقة في تأكيد وزنها السياسي والاقتصادي في نظام عالمي متعدد الأقطاب تتزايد فيه القوى الجديدة وتتغير فيه صيغ العلاقات والتحالفات، وبحث المجتمعون سبل نجاح أوروبا في تنفيذ الإصلاحات الضرورية، بالتوازي مع الحفاظ على استقرارها وتأكيد دورها القيادي العالمي.مستقبل روسيا
في سياق متصل، جمع مجلس مستقبل روسيا نخبة من الخبراء بهدف إعادة التفكير في مستقبل روسيا واستكشاف دورها المستقبلي في العالم، واستكشاف الإمكانات المستقبلية لروسيا من حيث اقتصادها ومجتمعها ومدى استعدادها للثورة الصناعية الرابعة.شبه الجزيرة الكورية
وضمن أعمال اجتماع مجلس مستقبل شبه الجزيرة الكورية، استعرض المجتمعون آليات العمل الكفيلة ببناء الثقة وترسيخ عملية السلام الجارية بين الجارين الجنوبي والشمالي، وتمهيد الطريق أمام اندماج جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية مستقبلاً في الاقتصاد العالمي، وإنشاء روابط استراتيجية بين مبادرات التعاون الاقتصادي المختلفة حول شبه الجزيرة الكورية وجيرانها.منطقة الشرق الأوسط
على صعيد آخر، استعرض مجلس مستقبل منطقة الشرق الأوسط مجموعة من المقاربات الجديدة في مجالات الأمن والتعاون الاقتصادي المستقبلي في المنطقة في سياق عالم متعدد الأنظمة، وسط نظم مفاهيمية وقيمية متعددة آخذة بالتشكل بشكل متزايد، بتأثير مباشر من الموجة التكنولوجية التي تحملها الثورة الصناعية الرابعة.وبحث المجتمعون التحديات، التي تمر بها المنطقة من حيث استمرار حالة انعدام الاستقرار في عدد من الدول، والأسباب الاقتصادية والاجتماعية الكامنة وراءها، وناقشوا سبل التعامل مع الديناميكيات المعقدة المؤثرة في مستقبل المنطقة، في ظل تواصل التغيرات العميقة في الاقتصادات الأساسية فيها، والعلاقات المتغيرة.النظم الغذائية
واستشرف مجلس "مستقبل الابتكار في النظم الغذائية"، أدوار القوة التحويلية، التي يمثلها الابتكار في النظم الغذائية، والشكل الذي سيكون عليه الواقع الغذائي في المستقبل.وبحث المجلس الذي اجتمع ضمن أعمال الدورة الثالثة لمجالس المستقبل العالمية، عدداً من العناصر الأساسية لموضوع النظم الغذائية المستقبلية، شملت الاستدامة من حيث المناخ، والمياه، وإدارة الأراضي والغابات، والتغذية المستدامة، والصحة والتغذية، والشمولية، والكفاءة وتأثير الثورة الصناعية الرابعة.الإنتاج
أكد أعضاء مجلس "مستقبل الإنتاج" خلال اجتماعهم ضمن أعمال الاجتماعات السنوية لمجالس المستقبل العالمية، أن التكنولوجيا الجديدة وأدوات الثورة الصناعية الرابعة ستشكل مستقبل الإنتاج ونماذج الأعمال، مشددين على أهمية توظيف وابتكار سلاسل توريد متطورة في بيئة تجارية عالمية تدمج الشركات متعددة الجنسيات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتحدث نقلة نوعية في مستقبل الإنتاج.الابتكار
من جانب آخر، دعا الخبراء إلى تطوير نماذج فعالة للتعاون بين الحكومات والشركات ورواد الأعمال والمؤسسات الأكاديمية، لدعم مستقبل الابتكار العالمي، وإيجاد سوق تنافسي يدعم الممارسات الريادية ويواجه العوامل المؤثرة على النمو العالمي. وأكد المجلس أهمية تعزيز الابتكار الحكومي والاجتماعي وتوسيع نطاقه وتشجيع أفراد المجتمع على تبنّيه والمشاركة في عملية التنمية، مشدداً على ضرورة التوصل إلى فهم مشترك على مستوى حكومات العالم يتبنى التفكير طويل المدى الهادف لتعزيز الجاهزية للمستقبل.الاقتصاد والمجتمع الرقمي
استعرض أعضاء مجلس «مستقبل الاقتصاد والمجتمع الرقمي» ضمن أعمال مجالس المستقبل العالمية، سبل صناعة وتعزيز مستقبل الاقتصاد الرقمي وسط التغييرات التي ستشهدها المجتمعات في العالم، والإجراءات الأنسب لتشكيل نموذج رقمي مستقبلي شامل ومتطور ومستدام.وأكد المجلس ضرورة تفعيل استراتيجيات الاقتصادات الرقمية الجديرة بالثقة من خلال التركيز على عوامل أساسية مثل سهولة الوصول والتطبيق، والتحول الرقمي، والحوكمة، والعمليات الآمنة والمرنة، والهويات الرقمية التي تتمحور حول الإنسان، ومشاركة البيانات. الخريطة الجيوسياسية
بحث الخبراء والسياسيون سبل رسم الخريطة الجيوسياسية لعالم متعدد الأقطاب بدأ بالتبلور في ظل تطورات ذات وتيرة متسارعة يمر بها العالم في مختلف المجالات.وأكد مجلس المستقبل الجيوسياسي أن العالم يشهد تسارع التغير الجيوسياسي والجغرافي والاقتصادي، ليصبح ليس متعدد الأقطاب وحسب بل متعدد الأوجه. وتدارس أعضاء المجلس سبل فك وتحليل رموز عالم يزداد إدراكاً متعدداً للشفافية، وردم الهوة الآخذة بالاتساع بين الاختلافات على المستويات الوطنية والدولية حول المعايير والقيم الرئيسية، واستعرضوا سبل التأثير على المؤسسات والاتفاقات والتحالفات القائمة بهدف صياغة جدول أعمال للإصلاح والتجديد متعدد الأطراف.