56 عاماً... دستور في مهب الريح
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
لو كان العداء السافر للدستور قد اقتصر على الحكومة لفهمنا دوافعها في رغبتها في الاستئثار بالسلطة، ولكنّ هناك سياسيين يرفعون شعار المعارضة والحفاظ على الدستور تدافعوا لنسفه وضربه في خاصرته. وأقرب مثال على ذلك كان ما جرى فيما أطلق عليه مجلس الأغلبية في فبراير ٢٠١٢، والذي بدأ أعماله بالتنادي لإصدار قانون إعدام المسيء، وتواطأت معهم الحكومة، ولولا الموقف المشهود لصاحب السمو أمير البلاد، الذي رد القانون لمناقضته الدستور، لكان ذلك القانون سيفاً مصلتاً على رقاب المحكومين بأقوال قالوها على "تويتر" وأخواتها. لم يعتذر أحد من النواب أو من الحكومة عن قرارهم وتصويتهم بقتل الناس بسبب كلمات يقولونها، والملاحظ أن الناس أنفسهم الذين ينادون بالحريات ينتهكون مبادئ الدستور ويعلنون التمسك به في نفس الوقت.للدستور محاسن كثيرة، وخصوصاً في حالة الأزمات الحادة، ونذكر منها حادثتين، الأولى، أثناء الغزو العراقي سنة ١٩٩٠، فأثناء الغزو كان الاختلاف حاداً، بين حكومة لا تريد ذكر الدستور في بياناتها، وبالذات في المؤتمر الشعبي في أكتوبر ١٩٩٠ بجدة، وبين مجموعة من رجالات الكويت التي رأت عكس ذلك، وانتهت المسألة إلى العودة للدستور في الكويت المحررة، أما في أزمة الحكم، فقد تم الاحتكام إلى قانون توارث الإمارة، وهو قانون دستوري في أكثر الأزمات حدة في الأسرة الحاكمة. وهكذا نجح الدستور في إخراجنا من أزمات حادة وطاحنة.بعد ٥٦ سنة، صار واضحاً أن الإشكالية ليست في الدستور، مع كل نواحي القصور فيه، ولكن في القائمين عليه، كلهم يدّعون "وصلاً بليلى، وليلى لا تقر لهم بذاكا". والله المستعان.