للسنة الثانية على التوالي، غابت أنغام عن مهرجان الموسيقى العربية في مصر، إذ كان يفترض أن تشارك في الدورة الأخيرة ولكنها امتنعت عن ذلك بعد وفاة أختها غنوة ودخولها في حداد حزناً عليها.وأخفقت إدارة المهرجان في التواصل مع آمال ماهر التي تغيب عن هذه التظاهرة الفنية منذ سنوات، فيما تمكّنت من الاتفاق في اللحظات الأخيرة مع المطرب الشاب محمد الشرنوبي الذي اعتذر في البداية بسبب وجود ارتباطات أخرى لديه.
ومن الفنانين المصريين الذين واصلوا غيابهم أيضاً خالد سليم الذي كان يشارك بشكل دوري في الحفلات سابقاً، كذلك شيرين عبد الوهاب رغم محاولات التواصل المستمرة معها حتى قبل إعلان جدول الحفلات النهائي.
حفلات كاملة العدد
للمرة الأولى أحيت نوال الكويتية السهرة قبل الأخيرة ضمن فعاليات المهرجان ورفعت لافتة كاملة العدد، فيما كرمت الفنانة عن مسيرتها الفنية الطويلة وتسلمت التكريم على خشبة المسرح، معبرةً عن سعادتها بالمشاركة في المهرجان.تكرَّر الأمر نفسه مع الفنانة التونسية لطيفة التي غنت في ثاني سهرات المهرجان، فيما عادت ماجدة الرومي بعد غياب 17 عاماً لتحيي حفلة الختام.وشهدت غالبية الحفلات نفاد التذاكر فور طرحها، ورفعت الأمسيات لافتة «كاملة العدد»، حتى أن رامي عياش عندما رأى المسرح يغصّ بالجمهور قال «أنا خايف وعايز أروَّح». وقفزت أسعار تذاكر بعض الحفلات بشدة، كما حفلة السيدة ماجدة الرومي، فيما تسبب التأخر في فتح باب حجز التذاكر إلكترونياً لمدة يوم كامل في عدم قدرة كثير من الجمهور على الحجز، وعرضت تذاكر بعض الحفلات بأسعار ضخمة في السوق السوداء.دراسات وتوصيات
على مستوى الجلسات، قدَّمت د. نجاة ظاهر حبيب الزيد من الكويت مداخلة عن دراستها التحليلية لبعض الإبداعات الموسيقية الكويتية الجديدة لدى عامر جعفر. وتناولت الموسيقى العربية في سياق فني عالمي، إذ ركزت في بحثها على الموسيقي الكويتي الذي أبدع مؤلفات دمج فيها العناصر المميزة للموسيقى العربية والإيقاعات الكويتية بالأساليب العالمية للتأليف الموسيقي من التكوين الآلي والتوزيع الموسيقي باستخدام الهارموني التقليدي والحديث.ومن مصر قدمت د. منال العفيفي عرضاً لبحث أعدته بعنوان «التجارب الموسيقية المدمجة للموسيقى الغربية»، حاولت من خلالها إلقاء الضوء على تجارب موسيقية اتجهت إلى دمج الموسيقى العربية بالموسيقى الغربية من أجل الوصول إلى مدى تأثير ذلك في هوية الموسيقى العربية ومدى احتفاظ تلك التجارب بخصائص أساسية وسمات تميز هذه الموسيقى عن غيرها من أنواع موسيقية.ومن لبنان، قدَّم د. عامر الديدي، الأستاذ في الجامعة الأميركية في الشارقة، ورقة بحثية بعنوان «بين معالم الهوية الموسيقية العربية والموسيقى الغربية»، أكّد فيها ضرورة أن يتسم اللحن العربي بالعناصر المؤكدة لهويته من إيقاع وارتجال، مشيراً إلى غياب شبه كلي لمناهج الموسيقى العربية باللغات الأجنبية.ومن فلسطين، قدَّم المؤلف الموسيقي الفلسطيني والكاتب د. سليم الزغبي ورقة بحثية بعنوان «استخدام التكنولوجيا الرقمية في توثيق وحفظ ونشر التراث الموسيقي العربي وتوفير منصة أكاديمية وفنية للموسيقيين العرب»، ركَّز فيها على ضرورة العمل من أجل معالجة النقص الكبير في حفظ التراث الموسيقي العربي بكل جوانبه وأشكاله.وأكد الزغبي في بحثه أن التراث العربي الموسيقي يفتقر إلى التوثيق والتدوين العلمي، خصوصاً لأعمال الموسيقيين العرب، مقترحاً توفير وسائل البيئة الحاضنة لحفظ المؤلفات الموسيقية العربية من خلال إنشاء بيئة إلكترونية معلوماتية توفر مكتبة رقمية تعنى بالمؤلفات والأعمال الموسيقية العربية.ومن تونس، قدَّم د. محمد المصمودي ورقة بحثية بعنوان «التعلم الإلكتروني في الموسيقى العربية: مشروع ينتظر التحقيق» طرح فيها المعوقات التي تحول دون تطبيق مشروع التعلم الإلكتروني للموسيقى وإمكان أن يسهم الأخير في تغيير مسار التعليم الموسيقي التقليدي.وانتهت توصيات مؤتمر الموسيقى العربية إلى دعوة الأكاديميات والمعاهد الموسيقية في الوطن العربي إلى إنشاء مكتبة رقمية للموسيقى بما يتيح للباحثين الاستفادة منها في العالم العربي، مع دعوة إلى إنشاء أرشيفات ومتاحف للموسيقى العربية في أطر محلية وقومية، لتكون أداة لحفظ وتوثيق الموسيقى العربية، مع دعوة المؤسسات الفنية الثقافية إلى الاهتمام بتنظيم حفلات تقديم التجارب الإبداعية العربية الجديدة.وعلى هامش فعاليات المهرجان، عُقدت اجتماعات الدورة الخامسة والعشرين للمجلس التنفيذي للمجمع العربي للموسيقى الذي جرى خلاله الاتفاق على إصدار كتابين باللغتين العربية والإنكليزية يروى سير الموسيقيين العرب الذين ولدوا في القدس وتخصيص 28 مارس من كل عام للاحتفال بالثقافة الموسيقية العربية، وهو اليوم الذي أقيم فيه أول مؤتمر للموسيقى العربية بمصر عام 1932.