فجر زائف آخر في ليبيا؟
![أميركان كونسرفاتيف](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1591210440714529700/1591210455000/1280x960.jpg)
زعموا أن محاولة تسهيل الاقتراع في البيئة المتجزئة والمتقلبة الحالية يجعل الناخب عرضة للترهيب، فضلاً عن إمكان ملء صناديق الاقتراع بأوراق زائفة وغيرها من أساليب الغش، ولا شك أن الخاسرين سيرفضون نتيجة انتخابات مماثلة، وربما أي انتخابات لا يفوزون فيها، ونتيجة لذلك ستقود هذه العملية على الأرجح إلى استئناف القتال الشامل، وهكذا تبدو ليبيا في هذه المرحلة أسوأ حالاً مما كانت عليه منذ الثورة التي دعمها حلف شمال الأطلسي في عام 2011 بهدف الإطاحة بالحاكم المستبد معمر القذافي.حتى لو تمكنت ليبيا من تفادي انهيار مماثل، ما زال هذا البلد بعيداً كل البعد عن أن يصبح ديمقراطية فاعلة، فلم يعرب حفتر ولا خصومه عن التزام كبير بالأعراف الديمقراطية. حفتر شخصية مريبة خصوصاً أنه يُعتبر من أصول وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابقة، فكان يعيش سابقا على بعد كيلومترات قليلة عن مقر الوكالة في لانغلي في فرجينيا، وقد دعمته الولايات المتحدة مالياً ولوجستياً في الانقلاب الفاشل الذي نفذه عام 1988 ضد القذافي، ولكن رغم روابط حفتر السابقة بوكالة الاستخبارات المركزية، ما عاد المسؤولون الأميركيون خلال عهد أوباما يصنفونه على ما يبدو من الأصول المهمة، بل اعتبروه عقبة أمام سياسة واشنطن بشأن ليبيا عموماً.مع أن حفتر كان راسخاً في مواقفه ضد الإسلاميين ومع أنه يقود مجموعة كبيرة من المقاتلين المسلحين، يعتبر صانعو السياسات الأميركيون أعماله مقسّمة على نحو خطير وتعود في المقام الأول إلى سعيه إلى المجد الشخصي. وبدل دعم حفتر ومقاتليه، ربطت إدارة أوباما مصالح الولايات المتحدة، في مطلق الأحوال، بما يُعرف بحكومة الوفاق الوطني، وهي أحد الفصائل الأخرى التي تسعى إلى السيطرة على ليبيا، وما من أدلة تشير إلى أن إدارة ترامب تتبنى مقاربة مختلفة.يصر حفتر على أن هدفه دفع العملية الديمقراطية في ليبيا قدماً وتعطيل العوامل المتطرفة، فسبق أن دعا لعقد الانتخابات في عام 2018 وتوصل أخيراً إلى اتفاق في هذا الصدد، لكن خصومه يشيرون إلى نهجه المستبد والسلوك العنيف عموماً للقوات العسكرية التي يقودها، ويخشون أن يكون هدف حفتر الفعلي تأسيس حكم شخصي مستبد.لا شك أن نقطة واحدة صارت جلية اليوم: إذا أردنا أن يتحسن الوضع في ليبيا بشكل دائم، يجب أن يكون هذا التحسّن وليد خطوات أكثر تعقلاً على الفصائل الليبية المختلفة تبنيها هي بنفسها، ويجب أن تكون الديمقراطية والاستقرار، إذا حلا في ليبيا يوماً ما، نتاج مشروع مجهود ذاتي، إذ تبرهن الفوضى التي ساهمت القوى الغربية في نشرها بسبب تدخلها غير المدروس أن اللاعبين الخارجيين، حتى لو كانت نواياهم حسنة، يعجزون عن فرض القيم والمؤسسات الضرورية لبسط الاستقرار أو الديمقراطية، لذلك قد يتبيّن أن التفاؤل بشأن اتفاق الانتخابات الجديد في غير محله تماماً مثل آمال التقدّم السابقة.* تيد كاربنتر*«أميركان كونسورفاتيف»