«طق يا مطر طق»
الحمد والشكر لله على نعمة الأمطار والخير الوفير الذي يأتينا من خالقنا وراحمنا ورازقنا، أمطار خير ورحمة وبركة... الأمطار نعمة من النعم التي نادراً ما نراها في كل شتاء، غير أنه في هذا العام، ونظرا للتغيرات الكونية التي تحدث في الأرض، فبكرم الله وسخائه أغدق علينا هذا الخير الوفير الذي لامس مشاعرنا، وفي نفس الوقت ينبهنا إلى عظيم قدرته في أنه إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون جل سبحانه، فما نشاهده ونسمعه يصور كأن هذا عقابا من الله، ولسان حال كثير من الناس يقول:"ما نبي مطر" "بس وقف" "المطر دمرنا"، تخويف من صوته وتهويل من رعده، مشاعر خوف ورعب أكاد أتحسسها منتشرة في الأجواء، خصوصاً مع بداية موسم الأمطار. ما صرحت به الدولة في اليومين الأخيرين من تعطيل جميع المؤسسات والهيئات الحكومية والقطاعات الخاصة كان خطوة ممتازة لتوخي الحذر والحفاظ على سلامة الجميع من التعرض لأي خطر، كما أن مثل تلك الأجواء ساهمت في تجمع الأهل والتقائهم فكانت أكثر حميمية ومشاعر دافئة جمعتهم على المحبة والمودة، بالرغم من أخبار الرعب التي تدس وتعكر صفو المزاج والصور التي تبث كأنها نهاية العالم، وبالرغم من تحذير الحكومة من عدم الخروج من البيت إلا للضرورة فإن فضول كثير من الناس دفعهم إلى الفرجة وافتعال الدراما وإيقاع أنفسهم بها. وفي هذا السياق، من الخطأ أن ننشر بين الأطفال أن المطر دمار وغرق وضياع ورعب وخوف، لماذا يتم غرس هذه المفاهيم الخاطئة في عقولهم؟ ولا أرى ذلك إلا تشويهاً للفطرة، فالأولى دعم مفهوم أن هذا خير من الله والخير نفرح به، وحتى لو تضرر شيء من الممتلكات فهذه أشياء يمكن تعويضها ولنبصرهم بالجانب المشرق، وماذا أنبتت لنا هذه الأمطار، نأخذهم إلى البراري ونريهم تلك النبتة الكمأة التي لا تظهر إلا بمثل هذه الظواهر، وأيضا نوعيهم إلى أن هذه الأمطار حديثة عهد بالله، نعلمهم أساليب الدعاء، وماذا نقول ونرشدهم إلى كيفية تكوّن السحب، وسبب هذه الأصوات والأضواء، نريهم قدرة الله في كل هذه الظواهر التي يعاصرونها حتى يتعلقوا بخالقهم أكثر ويحبونه... بدلاً من إظهار هذه الظواهر بشكل مرعب، فهذا ما يطلق عليه التربية بالمواقف والمشاهد التي يشهدها الطفل، حيث تكون أوقع في نفسه من أي موقف تعليمي. وفي الختام الشكر موصول لكل رجال الكويت وأبطالها، ممثلين في الجيش والداخلية والمطافي والحرس والمتطوعين بارك الله في جهودهم، ونحمد الله على هذا الخير الإلهي ليدعونا إلى مزيد من التضرع إليه ويجعلنا نلهج بذكره. و"طق يا مطر طق".