جريمة اختطاف!
أُطلق عليها "الجريمة السوداء"، وهي جريمة أكثر سواداً وغدراً عندما يكون المختطَف طفلاً، لا يملك رد الأذى عن نفسه، فهذا الطفل الوديع الذي اهتزت الدنيا كلها غضباً واستنكاراً لاختطافه من فراشه عام 1932، هو شارل الصغير ابن الطيار الشهير الكولونيل لندبرغ... أول من عبر بالطائرة من أميركا إلى أوروبا، واكتسب إثر ذلك شهرة شعبية، وكان يقيم في ڤيلته بالقرب من مدينة نيويورك مع زوجته وطفله، الذي لم يتجاوز عمره أكثر من عشرين شهراً.وقد جاء في تلك الليلة إلى منزله متأخراً، لكثرة اجتماعاته في مؤسسة روكفلر، وبينما كانت زوجته تعاتبه على تأخيره قال لها:- كيف حال شارل الصغير اليوم؟
- ها أنت تعترف أنك لا تحبه كما أحبه أنا.- من قال لك هذا؟ لقد دخلت غرفته وهو نائم فقبلته قبل مجيئي إليكِ.• وبينما هما يتحاوران سمع الكولونيل صوتاً يشبه تكسير قطعة خشب فقال لزوجته:- هل سمعت شيئاً؟- سمعت ماذا؟- خُيل إليّ أنني سمعت شيئاً غريباً.- لم أسمع شيئاً. لعلها الريح. ***• الخادمة اعتادت قبل أن تخلد إلى النوم أن تطمئن على الطفل وهو على فراشه، ولكنها لم تجده، فتصورت أنه مع أمه فذهبت إلى غرفتها:- سيدتي هل شارل الصغير معك؟- كلا... لماذا السؤال؟- لعله مع الكولونيل.- ألم تجديه في فراشه؟- كلا يا سيدتي.• هبطت الأم بسرعة إلى مكتب زوجها ونظرت إليه وصاحت: - يا إلهي إنه ليس معك.- من؟- الطفل... تقول بيتي إنه ليس في فراشه.هب الكولونيل مسرعاً إلى غرفة الطفل فلم يعثر له على أثر، فصرخت الأم مذعورة:- يا إلهي لقد خطفوا طفلنا.يحتضنها زوجها محاولاً تهدئتها:- إنها تلك اللحظة التي سمعت فيها أصواتاً غريبة.- "بعويل وصراخ" ماذا سيفعلون بطفلي؟- اهدئي ولا تلمسوا أي شيء حتى حضور الشرطة.***• فتش رجال الشرطة كل شيء بدقة فوجدوا أدلة على أنها عملية اختطاف، ثم انطلقت السيارات في كل الاتجاهات بحثاً عن الخاطفين الذين تركوا رسالة في غرفة الطفل جاء فيها:"سيدي أعد 50 ألف دولار، بعد ثلاثة أيام، وستُخطر بالمكان الذي ستضعها فيه... إخبارك الشرطة، أو الصحافة سيعرض الطفل للقتل...".***• تم الاتفاق مع وزير الداخلية على إبقاء الحادث سراً، لكن ذلك لم يحدث، فضجت الصحف والإذاعات بالموضوع، حتى أصبح الشغل الشاغل لأميركا كلها.تم الاتفاق مع الشرطة على أن يدفع الكولونيل المبلغ المطلوب، وفق الزمان والمكان اللذين يحددهما خاطفو الطفل.• وبالفعل فقد تم تسلّم المبلغ للخاطف بالطريقة التي تضمن له عدم الوصول إلى معرفته، لكنه قتل الطفل بطريقة مأساوية، ولم يتمكنوا من معرفته.***• وبعد ثلاث سنوات على هذا الحادث وقفت سيارة لتتزود بالوقود من إحدى محطات البنزين، ودفع صاحب السيارة المبلغ المطلوب.• فتم اكتشاف قاتل الطفل، لأن الدولارات التي دفعها ثمناً للوقود كانت مرقّمة من قبل الشرطة، فهرع عناصرها لإلقاء القبض عليه، وسرعان ما اعترف بجريمته وأُعدم.