نقطة: مطر خير... نفرات خربان!
في المسلسلات والأفلام العربية والهندية فقط، الخير ينتصر على الشر بالنهاية، أما في الحياة فلا توجد نهاية، والصراع مستمر، ومفاهيم الخير والشر ملتبسة وملوّنة، حسب الظروف وطبيعة المعركة وأطرافها، وخصوصاً أننا كثيراً ما ننظر للصراع بين متماثلات من نفس النوع والجنس. هذه المرة، انتصر الخير السماوي على الشر في نفوس بعض البشر وفضحهم شر فضيحة، ففضح المقاولين والمتعاونين معهم والمنتفعين منهم، وكبار الفاسدين والمهملين والمتراخين، ومن تردى برداء الدين، ليمارس تجارة الدنيا ويفسد فينا بلا حياء ولا خوف من رب العالمين، الذي يزايد علينا بدينه.لم يكتفِ مطر الخير بهذا الكشف الفاضح عن الفساد المختبئ تحت الأسفلت وإظهاره للأعين، التي كانت تشعر بوجوده قبل أن تراه، بل تجاوز مداه ليكشف عن شح الأنفس وفقرها الداخلي، رغم كل مظاهر الثراء والكِبر الخارجي، فلم ينطق أحد ممن قرفونا بتذكيرنا بتاريخ أجدادهم الخيري الكريم فيبادر بعرض خدماته ويكمل مسيرتهم، ويعطي مثلما أعطوا، ويساعد مثلما ساعدوا، ليستحق الفخر فعلاً بهم وبأنه منهم وإليهم يعود. وهذا بحد ذاته فساد من نوع آخر، مكشوف منذ زمن طويل، لكنه بحاجة إلى إعادة كشف بين فترة وأخرى، ليعرف الناس حقيقة الناس، ويعرف كل منهم قيمة الآخر الفعلية.
نعلم أن كمية الأمطار فوق معدلها، ونعرف أيضاً أنه ليس بالضرورة زيادة صرف الأموال على مشاريع تتعامل مع أمطار لا تنزل بشكل دائم ومنتظم، لا نحتاج إلى مبررات إضافية، فنحن مقتنعون بذلك، لكن ذلك لا يعفيكم، ففسادكم ظهر مع أقل كمية للأمطار، وتطاير الحصى ومعه أخلاقكم، أما نفوسكم فكما عهدناها غارقة بشحها في كل المواسم.