أول العمود:
هطول الأمطار بغزارة، حالات الزلازل السابقة، توقعات التسرب النووي في المنطقة بسبب التوترات العسكرية في منطقة الخليج تتطلب نوعا جديدا من إدارة حياة السكان في البلاد.***حضرت حفلين في مركز جابر الثقافي، وهو مبنى خرافي جميل، الأول كان لفرقة الأوركسترا السلطانية العمانية بقيادة المايسترو الروماني نيكولاي مولدوُفينو، وبدعوة كريمة من مؤتمر علاقات عمان بالخليج والمحيط الهندي، والثاني حفل "بدون ميكرفون" للمايسترو المبدع د. محمد باقر، ودفعت تذكرتين لي ولحرمي المصون "من حر مالي".ولاحظت- كما هي الحال في مسارح الغرب- أن مثل هذه المراكز تُشكل بيئة لتعلّم سلوك جديد كالتهذيب والانضباط والصمت واحترام خصوصية الآخرين والمحافظة على نظافة المكان ورفع الذائقة الفنية للأفراد. سَعدت كثيرا بما رأيت، طاقم الشباب الكويتيين من الجنسين احترفوا فن الاستقبال، وآخرون يفحصون التذاكر من خلال جهاز إلكتروني، ومرشدو القاعات بكامل أناقتهم ومهنيتهم.موعد الحفل كان إنكليزياً، إغلاق الأبواب في الوقت المحدد كان سلوكاً ألمانياً خالصا لا رحمة فيه، تعليمات المايسترو د. محمد باقر للجمهور كانت درسا قصيرا في الإتيكيت وأثَّرت بوضوح فيهم، إلا من خفيف ظل كان يجلس خلفي يطلق تعليقات بين مقطوعة وأخرى تصلح لأجواء سمرات عدنية. باقر تحدث بتهذيب للجمهور، سمح بالتصوير بدون فلاش وعدم رفع الهواتف لمستوى أعلى من رأس الشخص الجالس في الأمام حتى لا يتضايق من يجلس في الخلف، وشدد على الهدوء حتى يستمتع الجميع، وسمح بـ"الشربكة" في آخر أغنية غنتها الفرقة كنوع من التنفيس والسماح بإطلاق يد الجمهور ليمارس تراثه.اللافت أيضا أن غالب الجمهور "كاشخين" وخصوصاً النساء، أما نحن الرجال، فغترة وعقال ودشداسة لا يتجاوز ثمنها ٣٠ دينارا وكل مكوناتها من سوق المباركية. هنا أُحِب أن أنصح كل مرتاد لمسرح مركز جابر ألا يبادر بأى إشارة لجاره توحي برغبة في استحسان فقرة من الفقرات، لأن أي محاولة من هذه ستتحول إلى نقاش عن الفساد في الدوائر الحكومية، فالحذر الحذر من إفساد المتعة، بمعنى آخر "ألزم ما عليك فلوس تذكرتك"، خصوصاً أن الدخول غير مجاني على عكس مسارح المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الذي يقدم المتعة بـ"بلاش" كما هو الأمر في التعليم والتطبيب من حكومتنا السخية. أظن أن لدى الكويتيين اتفاقاً على أن مؤسسة التأمينات الاجتماعية وديوان المحاسبة من أكثر المؤسسات انضباطاً، وأضيف إليها بكل فخر مركز جابر الثقافي لأن كل جهاز في أي دولة يعكس طبيعة الناس الذين يديرونه، ومدى تلقيهم التدريب والتهذيب المطلوب للتعامل مع خليط متنوع من البشر، والمركز كذلك بالفعل.أعود إلى من كان يجلس خلفي، فقد كان يتحدث بصورة خالفت تعليمات المايسترو د. محمد باقر، كأن يطلق تعليقات بين وقت وآخر، والكل من حوله صامت وربما ممتعض، ومن بين ما سمعته منه كان عندما غنت الفرقة مقطعاً لأغنية "رحلتي" لعبدالله الرويشد، فكان خفيف الظل حين يقول المقطع "يا ويلي ما بقى صحاب وعلى الدنيا السلام"، يستبدل الكلمة الأخيرة باسم إحدى مناطق جنوب السرة وهي "حطين" حيث أسكن كبديل لكلمة "السلام" التي هي اسم لمنطقة أخرى في مقاطعة جنوب السرة.
مقالات
ساعة ونصف في مركز جابر
18-11-2018