منذ أن صدر قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 41 الصادر في عام 2006 ، والمتضمن استخدام نظام البصمة في جميع الجهات الحكومية، لم يكن لذلك النظام (البصمة) أي أثر في تقييم أعمال السنة للموظف، واقتصر أثرها فقط على احتساب الخصومات في حال تعدى الموظف الدقائق الممنوحة له من قبل الديوان، ألا وهي (105 دقائق).لكن بعد صدور قرار المجلس رقم 15 لسنة 2017 بشأن تعديل قراره رقم 36 لسنة 2016 (إجراءات ومواعيد تقييم أداء الموظفين والتظلم منه)، فقد تغير الوضع الآن، حيث أصبح نظام البصمة له أثر مباشر في تقييم أعمال السنة ولها عشرون درجة من التقييم، و70 درجة بيد المسؤول، و10 درجات أخيرة في حال الانقطاع عن العمل، بمعنى أصبحت الدقائق الممنوحة للموظف (105 دقائق) يُستفاد منها في التعديل الأخير للتقييم فقط في منع الخصم على الموظف، على أن تتم محاسبته عليها عند نهاية السنة، أي أن احتساب الدقائق في التقييم يبدأ بعد بداية العمل الرسمي.
فإذا حضر الموظف مثلا عند الساعة (7:40) فعندها تُخصم عشر دقائق من الـ (105 دقائق) الممنوحة له في الشهر، ويعاقب عليها بالخصم المادي في حال تجاوزها، ويتم احتساب الدقائق العشر من ضمن الدقائق الواردة في التقييم، إذ أن التقييم فصّل التأخير على درجات متفاوتة، لتكون بالشكل الآتي:يحصل الموظف على درجة 20 من 20 في حال عدم تأخيره، ودرجة (١8 - 19) في حال تأخيره 7 ساعات فأقل، ودرجة (16 - 17) أكثر من 7 ساعات وحتى ١٤ ساعة، ودرجة (14 - 15) أكثر من 14 ساعة وحتى 21 ساعة، ودرجة (12 - 13) أكثر من ٢١ ساعة وحتى 28 ساعة، ودرجة (10 - 11) أكثر من ٢٨ ساعة وحتى ٣٥ ساعة، ودرجة (8 - 9) أكثر من 35 ساعة وحتى 42 ساعة، ودرجة (6 - 7) أكثر من 42 وحتى 49 ساعة، ودرجة (4 - 5) أكثر من 49 وحتى 56 ساعة، ودرجة (3) أكثر من 56 ساعة.وحيث إن الموظف في الفقرة السابقة قد تأخر 10 دقائق مثلا، واعتاد على الحضور بنفس التأخير (10 دقائق) 240 يوم عمل = 2400 دقيقة، تُقسم على60 دقيقة يصبح إجمالي التأخير40 ساعة، وبذلك يحصل على 8 درجات من أصل20، ولو فرضنا أنه مجتهد في عمله، وحصل على جميع الدرجات الأخرى، فإن إجمالي تقييمه يصبح 88 في المئة، بمعنى (جيد جداً). التعديل الأخير لتقييم أعمال السنة صحيح أنه يحد من الكم الهائل للقضايا المتداولة حاليا أمام المحاكم الإدارية والخاصة بالتظلم من عدم حصولهم على تقدير امتياز، إلا أنه يفتح الباب أمام استغراب الموظفين وتساؤلاتهم، إذ أجزم بأن العديد منهم لا يعلم بأن دقيقة التأخير قد أثرت بشكل مباشر على تقييمه السنوي، وهذا ما كنا ننادي به وبمرات عديدة، إذ لا بد أن يعي الموظف بكامل حقوقه وواجباته وفق قانون ديوان الخدمة، ولا بد أن يكون على علم وإحاطة بجميع القرارات اللاحقة للديوان، ولا يمنع بتوفير الدورات اللازمة، وألا تكتفي جهة العمل فقط بنشر آخر التعاميم، فالأصل هنا بالإحاطة والعلم، حتى يصل التعديل إلى مبتغاه الأصلي، ألا وهو ضبط الحضور والانصراف، وليس فقط تقليل عدد الحاصلين على درجة الامتياز.أيضا وحتى لا يفتح باب القضايا الإدارية في العام المقبل يجب أن يعي الموظف أن ما استقرت عليه المحاكم الإدارية «أن القرار الصادر بتقدير كفاية الموظف شأنه شأن أي قرار إداري يجب أن يقوم على سببه المبرر له في الواقع والقانون، ولا يأتي إلا بقيام القرار على عناصر ثابتة ومستخلصة استخلاصا سائغا متعلقا بعمل الموظف خلال السنة التي وضع عنها التقرير». وحيث إن الحضور وفق نظام البصمة مثبت ومرفق في ملفه الوظيفي يجب أن يدرك قبل تظلمه بأوقات حضوره وانصرافه وبما يقابلها من درجات.ولا نكتفي هنا بتوضيح التعديل الأخير وما له من آثار تبعية على حقوق الموظف، إذ لا بُد من تحرك جدي للنقابات العاملة بالوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة، وتحرك أيضا من المُشرعين، بحيث لا يستوي التشدد في الحضور دون مراعاة ما يواجهه الموظف من زحمة في الطرق وأزمة في مواقف السيارات، وغيرها من مصاعب تواجهه في سبيل الوصول بالوقت المناسب.ومن غير المناسب فعلا أن يكون الموظف المجتهد وصاحب الكفاءة العالية في عمله قد يحصل على تقدير جيد جدا، فقط لأنه غير منضبط في الحضور في الوقت المحدد، وبأسباب قد تكون منطقية في تأخيره (توصيل أبنائه للمدارس على سبيل المثال)، وفي المقابل يحصل موظف على تقدير ممتاز، على الرغم من إنتاجيته المتواضعة، فقط لأنه يحضر في الأوقات المحددة، وهنا نستغرب ماذا يريد مجلس الخدمة من الموظف؛ هل الحضور في الوقت المناسب أم الإنتاجية؟ لا يجتمع الهدفان إلا بعد مراعاة ودراسة الوضع من جديد... فهل من مستمع؟
مقالات
تقييمك السنوي جيد جداً
20-11-2018