العصا لمن حصى!
إذا اعتبرنا النتائج المهولة التي نجمت عن الأمطار الغزيرة من الأمور الخارجة عن السيطرة كونها كارثة طبيعية تفوق قدرات الدولة، فما موقف الحكومة ومجلس الأمة من كارثة تطاير الحصى في جميع شوارع الكويت بدءا من الطرق الفرعية داخل المناطق السكنية وانتهاءً بشبكة الخطوط السريعة؟!تطاير الحصى بالشكل الذي نراه جميعاً يحمل صفة الكارثة بسبب حجمها الواسع وضررها العام على الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة، والأهم من ذلك تعكس صميم مفهوم الفساد وانعدام الضمير وغياب الإحساس بالمسؤولية إلى حد الاستهزاء والاستهانة بالمواطن والهيئة التشريعية التي تمثله، فقبل أقل من ثلاث سنوات عمت ظاهرة تطاير الحصى من كل شوارع الكويت تقريباً، لدرجة أنه قد تقديم استجوابين لوزير الأشغال، وعلى ضوء توصيات الاستجواب الثاني اعترفت الحكومة بضعف المستوى الفني للإشراف وتعهدت بما يعرف بالخلطة السرية الجديدة لسفلتة الطرقات وفق المواصفات العالمية وذات الجودة العالية، ومن الطبيعي أن تكون الكلفة المالية لمثل هذا المشروع الجديد بعشرات الملايين من المال العام.لكن مطرة واحدة هذا العام كانت كفيلة بتعرية الحكومة وخلطتها السرية وشوارعها ليعود المشهد السابق نفسه ولم يمض على تعبيد الطرق ثلاث سنوات، أي أقل من فترة الضمان التي تمنح عادة عند شراء ثلاجة أو غسالة أو سيارة.
وشاءت الأقدار أن يكون على رأس الوزارة اليوم النائب الذي تقدم باستجواب سلفه وزير الأشغال، وكان المتحدث الرئيس المؤيد لاستجواب وزير الأشغال التالي ثم حل شخصياً مكان وزير الأشغال الثالث، وقد أبرز المهندس عادل الخرافي، وهو شخصية فنية ومهنية ويتحمل اليوم المسؤولية السياسية الأولى في القضية ذاتها، الكثير من الملاحظات الفنية ونتائج لجان التحقيق في الموضوع نفسه.لذلك، فإن الأخ المحترم وزير الأشغال مطالب كما كان يطالب بنفسه بتبيان الحقائق كاملة حول ملف الفساد في الأسفلت المضروب، كما أنه معني بالكشف عما كان يسأل عن المسؤول الأول لهذه الكارثة بعبارة "ليش خاشينه"؟ وحتى نساند الأخ الوزير في مهمته، نتقدم له بمجموعة من الاستفسارات ومنها: أولاً، ما الخطوات التي تم اتخاذها لتنفيذ توصيات مجلس الأمة في أعقاب استجواب وزير الأشغال عن موضوع تطاير الحصى في مجلس 2013؟ثانياً: بيان الفرق بين خلطة الأسفلت السابقة مع الخلطة السحرية الجديدة من حيث المواصفات الفنية، والجهة المسؤولة عن تنفيذ الخلطة الجديدة ومقارنة قوة مقاومتها للأمطار والأحوال الجوية وسبب عجزها عن تحمل مياه الأمطار الأخيرة.ثالثاً: ما قيمة عقود سفلتة المشاريع التي تم إنجازها وفق المواصفات السابقة، قبل عام 2013 والشركات المنفذة لها وشروط الضمان والصيانة والعقوبات الجزائية عليها في حالة المخالفة، وما عقود إعادة تكسية الطرق وفق الخلطة الجديدة؟ وهل تم إسنادها لأي من الشركات المنفذة السابقة مع بيان شروط الضمان والجزاء في العقود الأخيرة؟ هذه مجموعة من التساؤلات والجهاز الفني للوزير قادر على طرح تفصيلات فنية أخرى في مجال الاختصاص، حتى يتبين للشعب الكويتي هل فعلاً تستخدم الحكومة العصا في تطاير الحصى؟!