المرأة المحافظة
لماذا كان أغلب الصوت النسائي في الولايات المتحدة لمصلحة الجمهوريين المحافظين؟ "موريا دنجن" تثير هذا الموضوع في صحيفة "الغارديان"، 53٪ من الأصوات النسائية صوتن لمصلحة ترامب، وفي الانتخابات النصفية الأخيرة للكونغرس صبت 50٪ من تلك الأصوات لمصلحة الجمهوريين، وهذا وضع أفضل من السابق، لكن حسب الكاتبة موريا فالمرأة البيضاء هناك صوتت بنسبة 56٪ لمصلحة مت رومني في انتخابات 2012 الرئاسية، وصوتت بنسبة 55٪ لجورج بوش عام 2004، وصوتت هذه المرأة البيضاء بنسبة 62٪ لريغان عام 1984. لماذا الاتجاه المحافظ الذي يميل في العادة إلى بخس وضع المرأة وحقوقها يكسب صوتها هناك؟! قد تكون الإجابة أن المرأة هنا لا تختلف عن الرجل في صفة "المحافظة" وفي التصويت لجماعة تمثل قناعاتها، وهي غلّبت عنصر "العرق" (أبيض أو غير أبيض) على عنصر الجنس في تصويتها بالنهاية. تستشهد موريا بكتاب أندريا داوركن عن المرأة اليمينية، بأن هذه المرأة مطيعة للفكر السائد في الدولة ومتسقة معه، فالأغلبية من النساء تميل إلى سارة بالين (التي كانت مرشحة نائبة الرئيس في حملة الراحل جون ماكين) أكثر من المناضلة عن حقوق المرأة الفيلسوفة سيمون دي بوفوار، وبعبارة "موريا" فإن تلك الأصوات المحافظة رمت بالنصف الآخر للمرأة تحت عجلات الباص. هنا في الكويت مع فارق الوعي الديمقراطي الكبير عن الولايات المتحدة، كانت الجماعات التقدمية من يساريين وليبراليين هي صاحبة الأصوات التي كانت تطالب بقوة لمنح المرأة حقوقها السياسية في السابق، وكان رد المحافظين الإسلاميين معارضاً تاريخياً كمبدأ لمثل هذا الحق، مع اختلاف بينهم في شروط منحه وزمنه، وكان رد الأخيرين واقعياً بأنه لو منح هذا الحق للمرأة فستصوت الغالبية لهؤلاء المحافظين، ويبدو أن هذا ما حدث، بدليل أنه مثلاً في انتخابات الاتحاد الوطني لطلبة الكويت كانت أصوات الطالبات هي الحاسمة في العادة في فوز القوائم المحافظة، والتي احتكرت المقاعد سنواتٍ ممتدة، أما في المجالس النيابية، قبل سنوات، التي فازت بها بضعة أصوات نسائية فبالتأكيد كان هذا راجعاً إلى العضل الحكومي ودعمه "الديكوري للشكل الحضاري التقدمي للدولة" لا إلى الصوت النسائي.
أيضاً السؤال: لماذا تقف المرأة المهمشة في حقوقها بالمساواة مع قوى اجتماعية محافظة أكثرها يميل إلى قمعها وتهميشها؟ لماذا يغيب صوت الرفض والتمرد عند أغلب النساء حين يقفن مع أغلبية "التيار المحافظ السائد"؟! قضية شائكة ومحزنة، لكن تبقى مسألة الوعي عند المرأة، (والإنسان بصفة عامة) وتحريره من واقع عقلية العبودية والجهل هي المحك الأخير لتحرير المجتمعات. *** ملاحظة خارج نطاق المقال:إن كتاباتنا دائماً في "صندوق" المقبول الساذج المكرر الممل، وهي خارج حالة الغليان الذي تحيا به المنطقة، والذي تغطيه معظم مانشيتات ومقالات صحف الحريات في "بلاد الأوادم"، ما العمل مع حواجز السلطة والواقع المفروض؟! لا حيلة... فعذراً.