عندما يفقد أي بلد استقلاله أو يدخل حرباً أهلية مدمرة يكون عرضة لتنافس القوى الإقليمية أو الدولية، وهذا شأن ليبيا اليوم بالتنافس الإيطالي الفرنسي عليها، فالدولتان عبر المتوسط في مواجهة ليبيا، وليبيا بلد نفطي يسيل لعاب إيطاليا وفرنسا عليه، إيطاليا لها تجربة استعمارية في ليبيا 1911-1942م، وفرنسا لها تجربة استعمارية في باقي دول المغرب العربي مدة 132 سنة. واليوم تعيش ليبيا حالة مخاض حول استقرارها واستقلالها، وهي محط أنظار وأطماع دول في إقليم المتوسط وخارجه، وليبيا والعرب مشغولون بحروبهم وصراعاتهم الداخلية، وإيطاليا تثير مبررات مواجهة المهاجرين الأفارقة عبر ليبيا، بعبئها التاريخي في العلاقة الاستعمارية في ليبيا وجغرافيتها المقابلة لليبيا، وفرنسا بعبئها التاريخي في المغرب العربي، وجغرافيتها، وطعمها في النفط الليبي.
ولكلا البلدين إيطاليا وفرنسا أطماعه، ومبررات ذلك التنافس على المصالح هي التنافس على النفط، لكن ليبيا تحتاج إلى جهود كبيرة للمّ شملها، وتضميد جراحها، ووحدتها الوطنية، ومصالح شعبها، وفرصتها التاريخية بأن ثروتها كبيرة، وعدد سكانها قليل، حيث تحيط بها دول عربية تشاطرها الهموم، وأمل المشاريع التنموية المشتركة!لقد كانت ليبيا موحدة أيام نضال عمر المختار، وهي مجزأة أيام حكم القذافي على الرغم من القبضة الحديدية لنظامه خلال أربعة عقود، كما تسعى كل من إيطاليا وفرنسا إلى نظام موال لكل منهما، وتطمعان في نفطها القريب منهما، كما تطمعان في سوق الستة ملايين نسمة. إن مرحلة ما بعد الثورة يبدو أنها أصعب من الثورة، لكنها بكل تأكيد ترسم معالم مستقبل هذا البلد، الذي تتسابق عليه إيطاليا وفرنسا وغيرهما من الدول الغربية التي دخلت أو ستدخل حلبة النزاع والصراع عليه، وعلى العرب أن يلتفتوا إلى جرح ليبيا النازف، فهم أولى وأقرب من دول أجنبية عبر البحر المتوسط، ويجب أن يكون الالتفات إليها لمساعدتها وليس لزيادة مشاكلها وآلامها.
مقالات
التنافس الإيطالي الفرنسي على ليبيا
21-11-2018