منذ إنشائه عام 1964 يعتبر ديوان المحاسبة الذراع الرقابي لمجلس الأمة والعين الساهرة على الأموال العامة، وله سجل ناصع في محاربة الفساد وترشيد الإنفاق ووقف الهدر المزيف للمصروفات دون وجه حق، كما تضيف هذه المؤسسة الرقابية عنواناً إضافياً لمعنى الشفافية ودولة المؤسسات لاسم الكويت.ومع ذلك كله ما زلنا نعاني الكثير من صور الفساد وأشكال السرقة، يصل بعضها إلى قصص ألف ليلة وليلة الخيالية، الأمر الذي يتطلب جهوداً إضافية في ترسيخ أدوات الرقابة والمحاسبة الجادة من جهة، وإعطاء المزيد من الصلاحيات للأجهزة الرقابية القائمة ومنها الديوان، فديوان المحاسبة رغم أهميته الفائقة فإن مسؤولياته تنحصر في الرقابة المسبقة لضمان العدالة بين المتنافسين على مشاريع الدولة، ومن ثم الرقابة اللاحقة التي ترصد أوجه الصرف الفعلية أو يتم تكليفه في التحقق في قضايا الشبهات، وتقف صلاحياته في تقديم التقارير التفصيلية وطرح التوصيات إلى الجهات المعنية، وعادة ما تكون دراسات الديوان ذات مصداقية عالية ومحل ثقة الجميع لاستقلاليته من جهة وإرثه الرصين الذي كرسه القائمون عليه منذ قيامه بعيد الاستقلال.
ومن الصور الحضارية لتمكين الشفافية ومحاربة الفساد خلق الوعي المجتمعي والثقافة الوطنية وتعزيز المبادئ والقيم الخاصة في نبذ الانحراف والتطاول على ثروة البلد وغرس روح الدفاع عن المال العام في نفوس الناس كباراً وصغاراً عبر تنشئة صالحة ومؤسسية، ومن إبداعات ديوان المحاسبة في هذا الشأن مشروع تقرير المواطن تحت شعار «لأجل الكويت.. نحملها أمانة».فكرة تقرير المواطن الذي حظيت بشرف حضور تدشين فعاليته يوم الاثنين الماضي تنطلق من تبسيط لغة تقارير الديوان إلى ذهنية المواطن العادي، وخصوصا فئة الشباب، ومن خلال سرد مجموعة من القضايا المهمة والمشاريع الوطنية التي عانت صور الهدر المالي أو القصور في التنفيذ، وما يترتب على ذلك من أضرار على المجتمع ناهيك عن إضاعة المال العام الذي يعتبر كل مواطن شريكاً متساوياً في ملكيته.ويتميز التقرير الأول، الذي يعرض نبذة مختصرة عن الديوان والجهات الإدارية التي تخضع لرقابته، بتسليط الضوء على أهم المشاريع والمواضيع التي تهم كل مواطن في الوقت الحاضر مثل العلاج بالخارج والصيد الجائر والقسائم الزراعية والمدينة الجامعية، والصعوبات التي تواجهها، والأسئلة التي تردد في ذهن الإنسان العادي حول أسباب تعثرها وآثار ذلك السلبية على حياته وعلى الدولة ككل، وقد تم إخراج التقرير على شكل كتيّب صغير وأنيق وجداول موجزة لوصول الفكرة الرئيسة بأسلوب سلس ومريح، كما نشر التقرير بمختلف صور التواصل الاجتماعي الحديثة.وفي الوقت الذي نقدر هذه الجهود المبدعة التي تعزز بلا شك الثقافة الوطنية وحب الوطن، نرفع أسمى تعابير العرفان إلى العاملين في هذا الصرح الراقي، الذي نفتخر بطاقاته الكويتية من الشابات والشباب، فرداً فرداً بتحية «كفووو»، مع تمنياتنا على أجهزة الدولة المختلفة الاقتداء بعمل هذا الديوان المتألق دائماً!
مقالات - اضافات
ديوان المحاسبة... «كفووو!»
23-11-2018