«اليوم خمر وغداً أمر»
لا يهم إن كانت الأيام الماضية خمراً، لكن المهم أن تفيق مؤسسات الدولة، وأن تنفض غبار الأيام عنها، وتبدأ بالأمر، فعقارب الساعة إن كانت لا ترجع للوراء فإنها حتماً تظل تدور إلى الأمام، ومع دورانها يمكن معرفة أين ومتى وكيف وعند من توقفت مراسي الفاسدين.
![أ. د. فيصل الشريفي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/93_1682431901.jpg)
المشكلة أن الشعب ملّ من إبر التخدير ويتطلع إلى تغيير ونهج جديدين في إدارة شؤون الدولة في المحاسبة والمساءلة الجادة، وإلى تعزيز مفهوم تطبيق القانون بالتأكيد على مبدأ أن ليس هناك أحد أكبر من القانون يمكنه فعل ما يريد. أعود إلى عنوان المقال الذي ارتبط بالشاعر الجاهلي امرئ القيس الذي عاش حياة اللهو بعدما طرده أبوه حِجرا وأقسم ألا يقيم معه، فراح يسير في أحياء العرب يعيش بين ملذات الصيد وشرب الخمر حتى أتاه خبر مقتل أبيه، وهو بدَمّون من أرض اليمن، فإذا به يتفجر غضباً عند سماعه خبر مقتل أبيه قائلاً: «ضيّعني صغيراً وحمّلني دمه كبيراً، لأصحو اليوم ولا سكر غداً، اليوم خمر وغداً أمر»، لائماً أباه وفي الوقت نفسه لم يتنصل من مسؤوليته في طلب الثأر.لا يهم إن كانت الأيام الماضية خمراً، لكن المهم أن تفيق مؤسسات الدولة، وأن تنفض غبار الأيام عنها، وتبدأ بالأمر، فعقارب الساعة إن كانت لا ترجع للوراء فإنها حتماً تظل تدور إلى الأمام، ومع دورانها يمكن معرفة أين ومتى وكيف وعند من توقفت مراسي الفاسدين، وحينها ستسهل مهمة المحاسبة إن كانت النوايا صادقة.في الختام لا بد من الإشارة إلى الجهود الجبارة التي بُذلت خلال فترة الأمطار الأولى والثانية، فقد أثبت الشباب الكويتيون قدرتهم على التحدي والعمل بإخلاص، لذلك مازلنا متفائلين بأن باب الإصلاح ليس محالا بل في متناول اليد.ودمتم سالمين.