وثيقة لها تاريخ : الشيخ مبارك يؤكد إعدام الصوماليين الثلاثة في طرف المرقاب والعفو عن الرابع
في مقال اليوم، نختم قصة مقتل الطواش سيف بن سيف الرومي عام 1913 على يد صوماليين كانوا يعملون في سفينته. وأوضحنا في المقالات الثماني الماضية كيف تم القتل، وكيف استطاع يوسف بن حسين بن علي آل سيف أن ينجو بنفسه، وأن يبلغ السُّلطات الكويتية والإنكليزية. كما روينا من خلال وثائق تنشر للمرة الأولى تفاصيل عملية البحث عن المجرمين، وكيفية القبض عليهم، وشيئاً عن عملية نقلهم إلى الكويت، ومن ثم محاكمتهم. وفي هذا المقال نختم حديثناً حول هذه الحادثة التاريخية، ونشير إلى أن المجرمين الأربعة تم التحقيق معهم من قبل المعتمد البريطاني في الكويت، وسماع أقوالهم، إضافة إلى سماع أقوال شهود من أهل الكويت أفادوا بما يعرفونه عن الحادثة. وبعد الانتهاء من التحقيقات، تم تسليم الصوماليين الأربعة إلى الشيخ مبارك الصباح أمير الكويت، الذي أمر بإعدام ثلاثة منهم، والعفو عن المتهم الرابع، لتعاونه الكامل، ومساعدته في استعادة الأموال المنهوبة.
وورد في تقرير رسمي بريطاني كتبه الوكيل السياسي في الكويت بعد الانتهاء من التحقيقات ما يلي: "الحقائق في هذه القضية واضحة جداً وبسيطة، ولا يمكن التنازع حولها، كونها صدرت بشهادات من المتهمين أنفسهم". ويلخص التقرير الحادثة المروعة بكلمات قليلة، فيقول: "ليس هناك أي شك من أن المتهم الثاني أطلق النار على سيف بتعمد، وأن سيف توفي بسبب ذلك". وفي تقرير آخر بتاريخ 2 أكتوبر 1913، ذكر المسؤول البريطاني أنه بعد المحاكمة التقى الشيخ مبارك الصباح، واتفقا على الرأي، بضرورة معاقبة المجرمين الصوماليين بأشد العقوبات، باستثناء المتهم الرابع حسن بن محمد، الذي أبدى تعاوناً كبيراً، ولم يشارك في عملية القتل أصلاً، وساعد في العثور على الأموال المنهوبة. وقال الوكيل السياسي في تقريره: "في الأول من أكتوبر، تم اقتياد المتهمين الثلاثة إلى حائط في أطراف المدينة بعد الظهر، بحضور مساعد الطبيب كيلي، ممثلاً عن هذه الوكالة. قام مساعد الطبيب بتغطية عيون المتهمين، ومن ثم تم إطلاق الرصاص عليهم من قبل فريق أمر به الشيخ مكون من عشرين بندقية وتوفي الثلاثة على الفور. إنني مقتنع بأن الإعدام نفذ بطريقة إنسانية على قدر المستطاع".وقد كتب الشيخ مبارك رسالة إلى شملان بن علي بن سيف الرومي نشرها العم المؤرخ سيف بن مرزوق الشملان في كتابه (من تاريخ الكويت)، أكد فيها أن المجرمين الثلاثة تم إعدامهم، وأن الرابع، الذي لم يشارك في الجريمة وتعاون في معرفة التفاصيل والعثور على الأموال المنهوبة، تم العفو عنه.يقول الشيخ مبارك في رسالته: "الفسّاد الصومال يوم ثاني وصولنا إلى الوطن أظهرناهم في طرف المرقاب من شرق الصبح الساعة 2 وأمرنا الخدم ثوروا فيهم وطموهم كلهم في جليب إلا الصغير منهم الرابع الذي أقر عليهم ولا هو راضي في عملهم وراح مع خادمنا جاب الدراهم المدفونة هذا خليناه وكسيناه وأرخصناه". تلك هي تفاصيل هذه القصة التاريخية، رويناها من خلال الوثائق البريطانية في تسع مقالات.