تختزل المسرحية الفلسطينية (حجارة وبرتقال) بصمت يفوق الكلام، وبمجرد حركات وإيماءات وخلفية موسيقية، قصة تاريخ طويل من الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي على الأرض.

قدَّم الفنانان الفلسطينيان إدوار معلم وإيمان عون المسرحية، التي أخرجتها البريطانية موجيسولا أديبايو، على خشبة مسرح عشتار في رام الله على مدى 48 دقيقة، دون أن يتفوها خلالها بكلمة واحدة.

Ad

تبدأ المسرحية، التي تسافر بالزمن إلى ما يقرب من مئة عام مع انتهاء الحرب العالمية الأولى، بجلوس الممثلة إيمان، التي تجسِّد دور سيدة فلسطينية، في مكان بدا أنه منزلها، تحيط بها مجموعة من الحجارة وحبات البرتقال وزهرة عباد الشمس وأبريق ماء وسجادة ولعبة نرد ودفتر تكتب فيه مذكراتها.

وفيما هي تجلس بمنزلها وقد بدت عليها السعادة، وبينما تأكل من برتقال حديقتها، يصل إليها رجل يحمل حقيبته وقد أعياه السفر، لتسرع إلى مساعدته وإعطائه شربة ماء، وتسمح له بالجلوس في منزلها.

وعلى مدى 48 دقيقة، لم يكن هناك كلام ولا رقص استعراضي، بل لوحات فنية رسمتها حركات بسيطة، تسرد حكاية كيف سيطر هذا المهاجر على المنزل وطرد صاحبته منه، بعد أن استقبلته فيه ضيفا هاربا من الحرب.

تجربة حياتية

وكتبت مخرجة المسرحية في نشرة وُزعت قبل بدء العرض: "مسرحية حجارة وبرتقال ليست الحقيقة بأكملها، لكنها جزء من الحقيقة، وهي نتاج للقاء بين فكرة مخرج وتجربة حياتية لفريق المسرحية".

وأضافت: "في السنوات العشر الأخيرة عملت في فلسطين بمشاريع مختلفة، وخلال تلك الفترة شعرتُ بتنامٍ متزايد للاضطهاد في هذا البلد".

وتابعت: "كنت دائما منبهرة بتعامل الناس مع الاحتلال، لكني عندما أعود إلى بيتي في لندن أجد نفسي متفاجئة من شح المعلومات التي يعرفها سكان هذا البلد عن فلسطين".

وتشعر موجيسولا أن كلمة "احتلال" في اللغة الإنكليزية "مخادعة"، فهي قد تعني أن الشخص "يشغل" مكانا ما أو وظيفة ما.

وقالت إن "هذه الكلمة لا تعكس واقع الضفة الغربية وقطاع غزة، لذا أردت أن أنتج عملا مسرحيا لهذا الجمهور، وأن أقدم له صورة حقيقية لكلمة احتلال دون كلام".

وجاء في النشرة حول المسرحية، أنها "تعود في التاريخ إلى الهجرات اليهودية الأولى إلى فلسطين تحت ذريعة وعد بلفور، من خلال قصة رجل يصل إلى بيت امرأة كمهاجر معدم قادم من أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى".

المعاناة اليومية

ويرى إدوار معلم، الذي قام بدور المهاجر، أن المسرحية "بالأساس صُممت لمخاطبة الجمهور الأوروبي، لأنه لا يعرف كثيرا عن معاناتنا اليومية، وهناك من يظن أننا نحن من يحتل إسرائيل".

وذكر بعد العرض المسرحي: "قررنا بعد القيام بجولة عروض في مختلف أنحاء أوروبا، شملت تقديم 150 عرضا خلال الفترة الماضية، وما لقيناه من ردود فعل إيجابية واسعة بعد كل عرض، أن نقدم المسرحية في فلسطين".

وأضاف: "رغم أننا نعيش الحكاية، ونعرف تفاصليها، فإن الجمهور يبقى مشدودا للعرض، وهو يتابع سرد الحكاية، لينفجر بالتصفيق الحاد بعد العرض".

وأشار إلى أنه بعد هذا العرض في رام الله، وبعد عرض قُدم قبل أيام أمام طلبة جامعة الاستقلال في أريحا، "ستكون لنا جولة عروض بموسكو الأسبوع المقبل، إضافة إلى جولة عروض مقررة في لندن قبل نهاية العام الحالي".