ذبح «هيئة الطرق»... لماذا؟!
عملياً، فإن هيئة الطرق والنقل الوليدة لم تمارس أعمالها فعلياً إلا قبل فترة قريبة جداً، بسبب رفض العديد من الوزارات منحها الصلاحيات التي نقلت منها إلى الهيئة، وتمنعت وزارات الداخلية والأشغال العامة والمواصلات السابقة وجهات أخرى عن نقل الصلاحيات الممنوحة لها حتى يومنا هذا، ورغم كل ذلك تُسن السكاكين لذبح هذه الهيئة وتحميلها مسؤولية خراب الطرق ومناقصاتها على مدى 30 عاماً، والمصيبة أنهم يريدون مكافأة وزارة الأشغال المتسببة في كل ذلك الخراب، عن طريق إعادة اختصاصات الطرق وصيانتها مرة أخرى إليها!هناك شيء ما وراء تكالب الجميع حكومة ومجلس أمة وجهات أخرى نافذة على إلغاء تلك الهيئة وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، وإرجاعها إلى وزارة كبيرة ومترهلة بعشرات المهام وبيروقراطية ومركزية في يد وكيل وزارة الأشغال العامة الذي يمتلك عشرات المهام الأخرى والصلاحيات، ومؤخراً شهدنا نتيجة أعمال تلك الوزارة في موسم الأمطار ومشكلة حصى الطرق.
في كل دول العالم توجد هيئات مستقلة للطرق والنقل، ترسم خطط الدول اللوجستية لنقل الأفراد والبضائع حسب طبيعة البلد الجغرافية والاقتصادية، وتتولى بعض تلك الهيئات أيضاً سبل منح رخص القيادة وتنظيم المواقف العامة وحتى شبكات المترو والقطارات، لكن في الكويت عندما طلبت هيئة الطرق أن تشرف على المناقصات، وعلى تنفيذ المشاريع جن جنون وزارة الأشغال وجهات حكومية أخرى، لأن المناقصات هي "منجم الذهب" في الكويت، ومن لديه السلطة عليها يعتبر ذا أهمية كبيرة في البلد.الغريب أن هناك هيئات عدة أنشئت في الدولة لا قيمة فعلية لها، وتركت جميعاً في حالها، وتم التركيز فقط على هيئة الطرق ذات العلاقة بـ"المناقصات"، لكي تعود الهيمنة عليها من قبل "معمعة" وزارة الأشغال العامة، رغم أنه من المعلوم أن أي تجربة لا يمكن الحكم عليها خلال فترة وجيزة، والمطلوب أن تترك تلك الهيئة تعمل لمدة خمس سنوات على الأقل حتى يتم الحكم على مدى نجاح مهمتها وتقييم أدائها وجدوى استمرارها.عموماً، كل ما يحدث مع هيئة الطرق "مريب"، وفيه رائحة أصحاب النفوذ و"هوامير" المناقصات الحكومية المليارية للطرق والصيانة، لأن استقلالها في هيئة سيسلط الأضواء عليها، أما في "الأشغال" ربما "تضيع الصجلة" والجماعة يعلمون جيداً "مداخل ومخارج" الوزارة بخلاف الهيئة الوليدة، وفي الأيام والأسابيع المقبلة سنشهد كيف ستنتهي أحداث صراع المصالح والكبار مع هيئة الطرق.