«الاستئناف»: مسؤولية «الأشغال» عن صيانة المناهيل مفترضة... وسقوط الأمطار ليس سبباً أجنبياً
أيدت إلزام الوزارة بتعويض مواطن 6500 دينار عن إتلاف مركبته
أكدت محكمة الاستئناف المدنية، التي تتولى نظر الدعاوى المقامة ضد الحكومة والهيئات والمؤسسات التابعة لها، مسؤولية الحكومة عن صيانة المجاري والمناهيل التي تضعها في الطرقات، مبينة أن انسدادها نتيجة لعدم صيانتها يوجب مساءلتها عن الأضرار التي تقع من جراء ذلك.
قالت «الاستئناف»، في حيثيات حكمها الذي أصدرته برئاسة المستشار ضرار الوقيان، وعضوية المستشارين أحمد عبدالوهاب ومحمود سعدون، بعد تأييدها حكم محكمة أول درجة، بتعويض مواطن بمبلغ 6500 دينار، نتيجة الأضرار التي ادت الى إتلاف مركبته التي غرقت في جسر المنقف، إن مسؤولية وزارة الأشغال عن صيانة المناهيل في الطرق هي مسؤولية مفترضة، وإن هطول الامطار لا يعد سببا أجنبيا يمكن للوزارة التنازع او الاحتجاج به.
اختصاص «الأشغال»
واضافت المحكمة ان «المقرر وفق المادة الثانية من المرسوم الأميري بإنشاء وزارة الأشغال العامة أن تختص الوزارة بالأمور الآتية.... 2- تصميم وتنفيذ وصيانة المباني العامة والطرق والمجاري والحدائق العامة، بالتنسيق مع الجهات المعنية».وذكرت: «ومن المقرر أن النص في الفقرة الأولى من المادة 243 من القانون المدني على أن كل من يتولى حراسة شيء مما يتطلب عناية خاصة لمنع الضرر منه يلتزم بتعويض الضرر الذي يحدثه هذا الشيء ما لم يثبت أن هذا الضرر قد وقع بسبب أجنبي من قوة قاهرة أو حادث فجائي أو فعل المضرور أو فعل الغير، يدل على أن مسؤولية حارس الشيء الذي يتطلب عناية خاصة لمنع وقوع الضرر منه تقوم على أساس خطأ في الحراسة مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضا لا يقبل إثبات العكس».واوضحت ان «هذه المسؤولية لا تدرأ عن الحارس إثبات أنه لم يرتكب خطأ أو أنه قام بما ينبغي من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشيء الذي في حراسته، وإنما ترتفع هذه المسؤولية فقط إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو حادث فجائي أو فعل المضرور أو فعل الغير». وأشارت الى انه «متى ثبت أن الضرر وقع نتيجة تدخل الشيء تدخلا إيجابيا في إحداثه، فلا يستطيع حارس الشيء أن يدفع المسؤولية عن نفسه بنفي الخطأ، بل بنفي رابطة السببية بين فعل الشيء والضرر».
اختصاص «البلدية»
وتابعت المحكمة: «لما كان ذلك وكان الثابت أن من اختصاص وزارة الأشغال العامة تصميم وتنفيذ وصيانة الطرق والمجاري، وذلك وفق مرسوم إنشائها، مما يكون المستأنف بصفته هو صاحب الصفة بالدعوى، وأن اختصاص البلدية بالنسبة للطرق يقتصر على تنظيفها الشوارع والطرق داخل المناطق السكنية وتجميلها، ولا تتجاوز ذلك إلى صيانتها، وأن «المشرع أناط بوزارة الأشغال العامة مهمة صيانة الطرق والمجاري، وان البلدية لا اختصاص لها في هذا الشأن (طعن تمييز رقم 205/1999 مدني جلسة 27/12/1999)».وأفادت بأن «صيانة المجاري من اختصاص المستأنف بصفته (الأشغال)، مما تقع تحت حراسته ومسؤوليته مفترضة بها، وكان سبب الأضرار التي لحقت بمركبة المستأنف ضده هو تجمع المياه بالنفق بسبب انسداد المناهيل، الذي لم ينفه المستأنف بصفته، لاسيما أن هطول الأمطار لا يعد سببا أجنبيا لنفي مسؤولية المستأنف بصفته، خاصة أن مناهل الصرف لمياه الأمطار كانت مغلقة بسبب عدم صيانتها، ولم تكن بسبب كمية الأمطار التي هطلت». وأضافت ان «وجود المستأنف ضده بمركبته بمكان الحادث لا يعد سببا اجنبيا كذلك، حيث كان تواجده بسبب استعماله للطريق العام، وان تجمع المياه كان بسبب انسداد المناهيل لا بسبب دخوله للمنطقة التي تجمع بها الماء، مما تقوم معه مسؤولية المستأنف بصفته».مغالاة التعويض
وقالت «الاستئناف»: «أما بشأن المغالاة بالتعويض فمن المقرر انه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور، وان يكون الضرر محققا، وان تقدير التعويض والجابر للضرر من إطلاقات محكمة الموضوع تقضي فيها بما تراه مناسبا، إلا أنه مشروط بأن تبين الأسس التي بموبجها قدر التعويض، لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير وفقاً لما جاء ببند البحث، الذي انتهى الى تقدير قيمة السيارة وقت الحادث بمبلغ 8000 د.ك حسب الأسعار السوقية، وهي موديل 2012، وتم خصم مبلغ 2000 د.ك نتيجة بيعها لآخر، وفق عقد البيع المقدم من المستأنف ضده، وعليه فإن ما يستحقه الأخير من تعويض مادي بمبلغ 6000 د.ك عن الأضرار التي لحقت مركبته.وجاء تقرير الخبير وفق الأسس الفنية الصحيحة والقانونية وفق ما انتهى اليه، والمحكمة تأخذ به وفق سلطتها التقديرية، وهو ما ترى معه أنه جابر للضرر المادي الواقع على المستأنف ضده جراء الحادث، وحيث انه بشأن التعويض عن الضرر الأدبي فإن ما انتهت اليه محكمة أول درجة من تعويض المستأنف ضده بمبلغ 500 لهو مناسب وجابر للضرر الأدبي الذي لحق به من حزن وألم نفسي جراء الحادث، ومن ثم فلهذه الأسباب وللأسباب التي أوردها الحكم المستأنف فإن المحكمة تقضي برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف.عناية خاصة
وكانت محكمة أول درجة برئاسة المستشار حمد المعصب، أكدت أن سبب الواقعة ان المقرر قانونا وعملا بنص المادة 243 من القانون المدني ان 1 (كل من يتولى حراسة شيء مما يتطلب عناية خاصة لمنع وقوع الضرر منه يلتزم بتعويض الضرر الذي يحدثه هذا الشيء....2)، وتعتبر من الأشياء التي تتطلب عناية خاصة لمنع وقوع الضرر منها السيارات... ومن المقرر قضاء أن مسؤولية الحارس على الشيء مبناها الخطأ المفترض وقوعه من الحارس افتراضا لا يقبل إثبات العكس، ولا ترتفع عنه هذه المسؤولية، إلا إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لابد له فيه أن يكون الحادث قد وقع نتيجة لقوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.وأضافت المحكمة أن العبرة بالحراسة الموجبة للمسؤولية على اساس الخطأ المفترض هي بالسيطرة الفعلية للشخص، سواء كانت طبيعية أو معنوية على الشيء، التي تمكن صاحبها من الهيمنة والتسلط عليه لحساب نفسه، بحيث يكون زمامه في يده، والأصل ان تكون الحراسة للمالك بتقدير ان حق الملكية يخول صاحبه كافة السلطات التي تخولها الحراسة، وانه إنما يمارسها لحساب نفسه».وقالت المحكمة، إن «البين من مطالعة أوراق الدعوى ومستنداتها ان سبب الواقعة محل الدعوى هو هطول الأمطار بغزارة، وان انسداد المناهيل ادى الى تجمع المياه، مما أدى إلى غرق السيارة وحدوث ما بها من اضرار، ولما كان الثابت مما سبق بيانه ان مسؤولية صيانة الطرق والمجاري هي مسؤولية وزارة الأشغال العامة، ومن ثم تكون هي المسؤولة عن حراسة ذلك، لاسيما انها لم تثبت زوال الحراسة عنها او انتقالها لاخر، أو ان وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد لها فيه، او لم يكن هناك سبيل لتفادي الحادث لقوة قاهرة او حادث فجائي او الفعل المضرور او فعل الغير، وان الضرر كان واقعا لا محالة حتى لو قامت بواجبها المبتغى في الحراسة.
المحكمة أكدت أن إغلاق مناهيل «المنقف» سببه إهمال الوزارة
بينت أن الوزارة لم تنف واقعة إغلاق المناهيل
بينت أن الوزارة لم تنف واقعة إغلاق المناهيل